رجل باع تمر نخل على آخر، وليكن بمائة ريال، ثم أصاب هذا التمر جائحة نزل عليه مطر وأفسده حتى انهمر في الأرض، فالمشتري إذا لا يستفيد منه شيئا، نقول: لا يحل للبائع أن يأخذ من المشتري مائة ريال، ويكون الثمن الذي فسد للبائع، وهنا يقول:"بم تأخذ مال أخيك؟ " فيدل هذا على أن الثمن لم ينتقل إلى البائع؛ لأنه لو انتقل إلى البائع لم يصح أن يقال: مال أخيك؛ إذن ما زال على المشتري، ولا يحل للبائع منه شيئاً.
ففي هذا الحديث: دليل على مسائل الأولى: ما يعبر عنه أهل العلم بـ"وضع الجوائح" يعني: هل توضع الجوائح أو لا؟ اختلف في هذا أهل العلم، فقال بعضهم: إن الجائحة لا توضع وإنها على المشتري؛ لأن المشتري اشتراها على وجه صحيح الثمن معلوم، والمثمن معلوم، ودخلت ملك المشتري وحصل التسليم؛ لأن تسليم الثمر على النخل يكون بالنخلية، وقد خلى البائع بين الثمرة وبين المشتري، وإذا كان كذلك فإن الجائحة لا توجب انفساخ البيع، ويكون الثمن حلالا للبائع والثمر الذي أصيب بالجائحة للمشتري، وهذا حبه، هذا قول وعرفنا تعليله وهو أن المشتري تملك هذا الثمر بعقد شرعي صحيح، وأن التسليم حصل كاملاً، فالمبيع مقبوض، والبيع صحيح، والخراج بالضمان، فيكون ضمانه على المشتري وليس على البائع شيء في المسألة: أن ثبوت وضع الجوائح، يعني: أننا نثبت ذلك، وأنه إذا أصيب الثمر بجائحة فإنه لا يحل للبائع أن يأخذ شيئاً من المشتري، ويكون التلف على البائع، قال هؤلاء: وبيننا وبينكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والسنة حاكمة لا محكوم عليها، وكل شيء يخالف السنة ولو بني على رأي ونظر فهو باطل، وعلى هذا فنحن أسعد بالدليل منكم، يقولونه لمن يقولون بعد وضع الحوائج؛ لأن معنا حديث للرسول صلى الله عليه وسلم قالوا: يمكن أن يحمل الحديث على أنه من باب المروءة وحسن الخلٌ، فلا ينبغي أن نأخذ منه شيئا؛ لأن الرجل اشترى الثمر للأكل ولم يحصل له أكله، فلا يحسن أن نأخذ منه شيئا، قالوا لهم: هذا يبطله النص؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «فلا يحل لك؟ فالحديث صريح، ونقول: وضعه ليس من باب المروءة، بل من باب الإلزام بالشرع، فلا يحل للبائع شيء، قالوا: إذن هذا الحديث على خلاف الأصول الشرعية، فما الجواب؟ الجواب: أن هذا جاز على الأصول الشرعية، ووجه ذلك: أولا: أن النص أصل شرعي بنفسه؛ لأن بعض الناس يقول: الإجارة على خلاف الأصل؛ لأنها بيع معدوم المنافع تأتي شيئا فشيئا السلم على خلاف الأصل لأنه غرر ويأتون على مثل هذه الأشياء، ويقولون: خلاف الأصل، فنقول: بارك الله فيكم، الدليل أصل