المسألة الخامسة - لو أن المشتري أخر جني الثمر عن وقته حتى أصيب بجائحة فهل على البائع ضمان؟ لا، الضمان على المشتري؛ لأنه مفرط بتأخيرها عن وقت جزها حتى تلفت.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه إذا تلفت بعض الثمرة دون بعضها فلكل حكم لقوله: "يم تأخذ مال أخيك بغير حق"، فإذا أخذ البائع عوضاً عن التمر الباقي صالحاً فقد أخذه بحق، لكن لا يأخذ عن التمر التالف وهل يأخذه بقسطه من القيمة أو بقسطه من الثمن؟ مثال ذلك: اشترى هذه الثمرة بمائتي درهم وأصاب نصفها جائحة وبقي النصف الثاني بمائة عندما أردنا تقويمها، قالوا: الآن الثمرة لو كانت صالحة لا تساوي إلا مائة فقط، فهل نقول: يأخذها باعتبار القيمة فيكون عليها خمسون أو باعتبار الثمن ويكون عليه مائة؟ نقول: باعتبار الثمن؛ لأن الرجل اشتراها بمائتي درهم فذهب نصفها يسقط عنه نصف الثمن، ولو قلنا: نصف القيمة كم يسقط عنه؟ يسقط عنه خمسون، والعكس بالعكس، وقد تكون القيمة أكثر مما وقع عليه العقد.
ومن فوائد الحديث: أن دين الإسلام دين العدل، بحيث لا يحكم بجوز على أحد المتعاقدين، بل هو دين العدل، وهذه الفائدة يتفرع عليها مسائل كثيرة في باب الجنايات، وفي باب القصاص، وفي مسائل كثيرة، فمثلا لو أن رجلا قطع يد رجل في مخلب -الذي يحصد به الزرع وتجظ به الثمرة- وحكمنا عليه بالقصاص، يعني: على القاطع فهل نقطع يده بمخلب أو بآلة حادة سريعة؟ نقطعها بمخلب؛ لأن هذا هو العدل، كيف نقطع هذا الجاني المجرم بشيء سريع مريح وهو قد آذى المجني عليه، ويدل لذلك عموم قوله تعالى:{والجروح قصاص}[المائدة: ٤٥]. وقوله تعالى:{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}[البقرة: ١٩٤]. ويدل له أيضا خصوص الحديث الوارد في قصة اليهودي الذي رض رأس الجارية الأنصارية وأخذ منها أوضاحها، وهي من ذهب أو من فضة فأدركوها وهي في آخر رمق، فقالوا: من فعل بك هذا فلان، فلان، فلان حتى وصلوا إلى اليهودي، فأومأت برأسها: أن نعم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين مع أنه ممكن أن يذبحه بالسيف لكن العدل يقتضي أن يفعل بع كما فعل، والمهم أن دين الإسلام مبين على العدل:{إن الله يأمر بالعدل والإحسان}[النحل: ٩٠]. ومر علينا مسائل كثيرة تنبني على هذه القاعدة مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«الخراج بالضمان». وأمثلتها كثيرة.
من فوائد الحديث: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بذكر العلة بعد الحكم؛ لأن في ذكر العلة بعد الحكم فوائد: