للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن فوائد الحديث: مراعاة النفوس فيما تتعلق به؛ لأن الشارع راعى البائع الذي أبر النخل حيث تتعلق نفسه به، وهذه حتى في مسائل العبادة، يعني: في المعاملات قد تكون ظاهرة ألم تروا إلى الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفتح فقال: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، قال: «صل هاهنا فأعاد عليه، قال: صلى هاهنا فأعاد عليه قال: شأنك إذن، فلما رأى نفسه متعلقة أن يذهب إلى بيت المقدس قال: دعوه يذهب، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أحرمت متمتعة بالعمرة إلى الحج في حجة الوداع فأصابها الحيض في سرف ولم تتمكن من إتمام العمرة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدخل الحج على العمرة، ويحصل لها بذلك أجر عمرة وحجة، حتى قال لها: «طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك»، لكن لم انتهى الناس من الحج ألحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تأتي بعمرة، فأذن لها الرسول صلى الله عليه وسلم وأرسل معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر، ولم يقل له: أحرم بالعمرة؛ لأنك ذاهب إلى الميقات ولم يرشده لذلك؛ مما يدل على أن العمرة بعد الحج خاصة بمن كان مثل عائشة لا لكل أحد.

على كل حال: إن الشرع يعطي النفس شيئا من الحظوظ أجاز النبي صلى الله عليه وسلم من إنسان يموت أن يحد في خلال ثلاثة أيام إذ أن النفس قد تنكسر بالمهيبة ولا تستطيع أن نفعل ما كان يفعله الإنسان وهو غير مصاب، فأذن له الشرع بأن يحد ثلاثة أيام فقط، المهم أننا نقول: هذا أن الشرع -ولله الحمد- مناسب للفطرة ولما تقتضيه النفوس وهذه من نعمة الله عز وجل.

ومن فوائد الحديث: جواز بيع النخل وعليه الثمرة وجواز بيعه قبل التأبير وبعده، ولكن إذا باع النخل فما الذي يتناوله البيع؟ هل يتناول البيع الشجرة نفسها والأرض أو الشجرة وحدها، يعني مثلا بعت عليك نخلة فهل يشمل أرضها أو هو خاص بالنخل فقط، والفرق بين الأمرين أننا إذا قلنا: إنه يشمل الأرض فماتت تلك الشجرة أو أصابها ما يتلفها فهل تبقى الأرض للمشتري أو لا؟ إن قلنا: إن الأرض تتبع النخل فإنه تبقى للمشتري، وإن قلنا: إن الأرض لا تتبع النخل فإن الأرض باقية للبائع، هذه المسألة نقول: المرجع فيها إلى العرف، والعرف عندنا أنه إذا قال الناس: باع فلان نخلة يريدون البستان كله، أرضه وشجره، فإذا كان العرف يقتضي أن النخل هو الشجر فقط دون الأرض، فإن النخلة إذا تلفت فإن المشتري لها لا يملك غرس شيء مكانها؛ لأن البيع لا يشمل الأرض، وهذا قال العلماء فيما إذا رهن نخلا أو أو أوقف نخلا أو ما أشبه ذلك، هل الأرض تتبع النخل أو لا؟ فالأصل أن الأرض لا تتبع، لأن الأرض أصل

<<  <  ج: ص:  >  >>