للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف القياس؛ لأن السلم بيع معدوم، والقياس أن بيع المعدوم لا يجوز وغير صحيح، فهو ليس بشيء حتى يعقد عليه فإذا جاءت السنة بجواز السلم فهذا على خلاف القياس فأولا: يجب أن ننظر في هذا القول هل هو سليم أو كسير؟ هذا كسير كسراً لا ينجبر لماذا؟ لأن السنة أصل بنفسها فلا يمكن أن يأتي دليل من الكتاب والسنة ثم نقول: أنه على خلاف القياس أو على خلاف الأصل، من الذي يؤصل الأصول؟

الله ورسوله، فإذا جاءت السنة بدليل يدل على أن هذا جائز أو هذا حرام، لا يسوغ لنا أن نقول: هذا على خلاف الأصل، بل نقول: هذا على وفق الأصل؛ لأن الكتاب والسنة هما الأصل، فهذا القول باطل من أصله ولا يمكن أن يقال عن شيء ثابت بالكتاب والسنة إنه على خلاف الأصل، العجيب أن بعض الناس قال: إن النكاح على خلاف الأصل، معناه أن كل زيجاتنا على خلاف الأصل، لماذا؟ قال: لأنه عقد على منفعة مجهولة لا تدري متى تموت المرأة أو متى تموت أنت، وأنت عاقد عليها إلى الموت وأنت لا تدري متى تموت وهي كذلك، إذن هذا على خلاف الأصل وخلاف القياس، أقول: هذه الكلمة باطلة من أصلها بماذا نبطلها؟ بأن نقول: ما ثبت بالدليل الشرعي فهو أصل بنفسه، الكتاب والسنة هما أصل الأصول.

نرجع هل صحيح أن هذا على خلاف الأصل الذي أصلوه؟ الجواب: لا، ليس بصحيح، لأن السلم عقد على موصوف في الذمة، والممنوع شرعا أن يعقد على معين غير موجود، لو عقد على معين غير موجود صح، وكيف يكون بعينه وهو غير موجود مثل أن يقول: أسلمت إليك فيما تحمل به هذا الشاة، هذا لا يصح؛ لأنه معين، أو على قول كثير من العلماء: أسلمت إليك فيما يحمل بستانك هذا لا يجوز؛ لأنه معين ويستقضي أن يكون بيع معدوم، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحها، فنهيه عن بيع قبل أن تخلق من باب أولى.

على كل حال نقول: هذا عقد على موصوف بالذمة متعلق بذمة العاقد وليس له دخل بالمعقود عليه، المعقود عليه غير معتبر، المعتبر ذمة العاقد، ولهذا لو أن النخيل أو نخلي أنا أيها المسلم إليه لم يثمر يبقى المبيع في ذمتي فهو على وفاق الأصل؛ لأنه لم يخالف الأصول وفيه مصلحة عامة للمسلمين، فكان موافقا للأصل، وهذه النقطة ينبغي لطالب العلم أن يدركها، وهو يرى في كلام بعض أهل العلم يمر به أشياء يقول فيها: هذا على خلاف الأصول، فنقول: هذا قول باطل ليس في القرآن والسنة ما هو على خلاف الأصل، ثم نقول: إن السلم على وفاق الأصل لما فيه من المصالح العظيمة: مصلحة المسلم والمسلم إليه والمعقود عليه غير معين، فلا ينطبق عليه أن بيع معدوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>