للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الرهن فهو توثقة دين بعين الموثق بالدين هو المطلوب ويسمى راهناً، والموثق له هو الطالب ويسمى مرتهنا، وقول المؤلف: "توثقة دين" يعني: أنه لا يصح الرهن لتوثقة عين، مثل أن يأتيني رجل فيقول: أعرني كتابك، فأقول: لا أعيرك إلا برهن، فيقول: هذا لا يجوز، لماذا؟ لأنه ليس توثقة دين، والصحيح أنه يجوز توثقة الدين، والعين، والمنفعة، كما لو استأجرت أجيراً وطلبت منه الرهن؛ لأن المقصود هو التوثيق في أي حق من الحقوق سواء كان دينا أو عينا أو منفعة، وقوله: "توثقة دين بعين" ظاهرة أيضا أنه لا يصح أن أوثق دينا بدين، كيف ذلك؟ يأتي رجلا يقول أقرضني ألف ريال، فأقول: لا بأس، لكن تطلب من فلان ألف ريال يكون رهنا للدين عند فلان، وتخبره بذلك، فيقول: نعم، أنا قصدي لما قلت: الدين لذمة فلان توثة لأن فلانا عندي أوثق من هذا الرجل هذا ممكن أن يقول بعض العلماء: لا يجوز، ولكن الصحيح أنه جائز؛ لأن هذا عقد ضمان ليس عقد معارضة، حتى نقول: لابد فيه من القدرة على التسليم، يمكن استيفاؤه أو بعضه منها أو من بعضها، صحيح لأنه لو لم يمكن استيفاؤه ما صح الرهن لو جاء إلى رجل وقال: أقرضني مائة ريال فقلت: أرهني كلبك، الرهن هنا لا يصح لماذا؟ لأنه لا يمكن استيفاء الكلب منه إذ إن الكلب لا يصح بيعه فلا فائدة.

٨١٩ - عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم». متفق عليه.

- وللبخاري: "من أسلف في شيء".

قوله: "قدم المدينة" يعني: في الهجرة في السنة الثالثة عشرة من بعد البعثة، وكلكم تعرفون أسباب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف هاجر، وقدم في ربيع الأول، "وهم يسلفون" الجملة هذه جملة حالية، يعني: والحال أن أهل المدينة، "يسلفون في الثمار" أي: يقدمون فيها، المقدم: المشتري والمقدم إليه: البائع، ولهذا يقال: أسلف الثمر يعني: قدم الثمن في الثمر الذي اشتراه، فيأتي الفلاح إلى الرجل ويقول: أسلفني دراهم بثمر، فيسلفه دراهم بثمر، ينتفع الطرفان، الفلاح ينتفع بالدراهم يقضي بها حوائجه، والتاجر ينتفع بزيادة المبيع؛ لأننا إذا قدرنا أن الثمر يباع بدرهم فسوف يأخذ الصاع في السلم بثلاثة أرباع درهم، أو أربعة أخماس درهم، وليس من المعلوم عادة أن يسلم إلى شهر بالثمن الحاضر؛ لأن الناس يريدون التجارة والربح من وراء المعاملات، يعني: مثلا لا يمكن أن يسلم مائة درهم بمائة صاع، والصاع يساوي درهما وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>