الإسلاف لماذا؟ لأنه ليس له مصلحة ولا فائدة، إنما يمكن أن يسلم خمسة وتسعين درهماً بمائة صاع، والصاع يساوي درهما فيربح خمسة وعشرين في المائة المهم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم، فقال صلى الله عليه وسلم:«من أسلف في ثمر»، وفي لفظ:"في ثمر"، وفي لفظ للبخاري:«في شيء» فيكون أعم، «فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم»، «من أسلف»، يعني: قدم الثمن، «في شيء» هذا هو المثمن مؤخر لقوله: "إلى أجل"، "فليسلف" اللام هذه للأمر وهي جواب الشرط جواب "من" واقترنت هذه الجملة بالفاء؛ لأنها طلبية، وقد نظم في هذا البيت:[الكامل]
(اسمية طلبية وبجامد ... وبما قد وبلن وبالتنفيس]
وقوله:"فليسلف" اللام هذه للأمر؛ يعني: فليقدم، "في كيل معلوم ووزن معلوم" فحصر المسلف فيه إما مكيلا وإما موزونا، الثما واضحة أنها مكيلة، فهي لا تكون موزونة، فما الجواب عن هذا، هل نقول: هذا يدل على أنه يجوز الإسلاف في المكيل وزنا أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يعمم فيذكر ما يحتاج الناس إليه من الكيل وما قد يصدر من الشيء الموزون؟ هذا محل خلاف، والحديث محتمل، والخلاف موجود بين العلماء، قال:"إلى أجل معلوم" الأجل: المدة المتأخرى، "معلوم" يعني: غير مجهول، وقوله:"إلى أجل معلوم" هل الشرط هنا منصب على قوله: "معلوم"، أو على الأمرين جميعا إلى أجل ومعلوم؟ فيه خلاف، فمنهم من قال: إن الشرط منصب على الموصوف والصفة، الموصوف الذي هو "الأجل" والصفة التي هي "معلوم" فعلى القول الأول يجوز السلم حالاً، وعلى القول الثاني لا يجوز.
فهذا الحديث فيه توسعة على المسلمين في معاملاتهم؛ لأن هذا السلم نوع من المعاملات التي فيها سعة للبائع والمشتري، فيكون هذا فرداً من أفراد لا تحصى دالة على أن هذه الشريعة سمحة موسعة ولله الحمد.
فيستفاد من هذا الحديث: أولاً: جواز السلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم عليه لكن أدخل عليه لكن أدخل عليه شروطا، إنما هذا مأخوذ من جواز السلم في الأصل، وهو أمر مجمع عليه -فيم أعلم- وقد دل عليه القرآن في قوله تعالى:{يأيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}[البقرة: ٢٨٢]. قال ابن عباس رضي الله عنه: إن السلم حلال في كتاب الله ثم تلا هذه الآية، وعلى هذا فيكون السلم ثابتا بالكتاب والسنة.
وهل السلم على وفق بالقياس، أو على خلاف القياس؟ ذكرنا أن هذه العبارة التي كانت