للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بعض العلماء فيها نظر من وجهين، الوجه الأول: أن كل حكم ثبت بنص فهو على مقتضى القياس؛ لأن النص أصل برأسه وقياس برأسه، فلا حاجة إلى أن نقول: إن هذا على خلاف القياس أو على وفقه، الثاني: أن كل شيء قالوا: إنه على خلاف القياس فإنه عند التأمل تراه موافقا للقياس، فالعبارة فيها نظر من وجهين، فنحن نقول: السلم على وفق القياس للوجهين المذكورين، أولاً: أنه قد ثبت به النص، وثانيا: أن فيه منفعة للخلق، فالبائع ينتفع والمشتري ينتفع، وتوهم بعض العلماء، فقال: إن هذا من باب بيع المجهول، وبيع المجهول الأصل فيه المنع، فيكون هذا على خلاف القياس في منع بيع المجهول، نقول: هذا غلط ووهم، لأن السلم ليس بيع شيء معين، إنما هو بيع موصوف في الذمة، فهو كعقد الإجازة أعقد على شيء هو عمل ما فعلته لم أره ولم أستوفه، لكن العمل موصوف في ذمة العامل فهذا مثله فليس فيه شيء على خلاف القياس.

ومن فوائد الحديث: بيان توسعة الشريعة الإسلامية في المعاملات، وأن الأصل في المعاملات الحل حتى يقوم دليل على المنع.

ومن فوائد الحديث: اغتفار الجهل اليسير الذي ينغمر في المصلحة؛ لأن الواقع أن السلم فيه من الجهالة ما هي؟ أنه قد لا يوجد المسلم فيه عند حلول الأجل، فيبقى فيه شيء من الجهالة، ثم إنه ليس الموصوف كالشاهد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الخبر كالمعاينة» فلا يسلم من جهل، لكنه مغتفر بجانب المصلحة.

يتفرع من هذه الفائدة: أن الجهالة اليسيرة المنغمرة في جانب المصلحة لا تضر، وينبني على ذلك جواز بيع البصل والفجل ونحوهما قبل قلعه، هذا البصل يغرس في الأرض والمقصود منه مستتر، لكن لما كانت الجهالة فيه يسيرة منغمرة في جانب المصلحة اغتفرها الشارع، ولم يلتفت إليها، ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة أن يجوز بيع البصل ونحوه مما المقصود منه مستتر في الأرض؛ لأن الجهالة فيه يسيرة مغتفرة في جانب المصلحة.

ومن فوائد الحديث: أنه يجب علم المسلم فيه بالكيل لقوله: "في كل معلوم"، أو الوزن لقوله: "ووزن معلوم".

ولكن هل يجب أن يسلم في المكيل كيلا وفي الموزون وزنا، أو يجوز أن يسلم في المكيل وزنا وفي الموزون كيلا؟ فيه خلاف بين العلماء؛ فمنهم من قال: إنه يجوز أن يسلم في المكيل وزنا وفي الموزون كيلا فنقول مثلا: هذه مائة درهم بمائة كيلو من البر هذا وزن، أو هذه مائة

<<  <  ج: ص:  >  >>