للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبلى قد قاله الله، وأما كونها لم تسرق فكلا هي سرقت لكنها سرقت طريق خفي بدل أن تذهب وتفتح الصناديق أو الأبواب وتخاطر بنفسها فعلت حيلة، تقول: جزاك الله خيرا أعرني الدلو أنا عطشانة فرق لها ورحمها وأعطاها الدلو، ثم بعد ذلك قالت: دونك، الدلو دلوي وفي بئري، هذا محسن هي بدل أن تذهب إلى بيته وتكسر الباب وتأخذ الدلو تحيلت هذه الحيلة، فهذه جمعت بين السرقة والخيانة.

إذا قال قائل: ينقض عليكم هذا في الخيانة في الوديعة إذا أودع الإنسان شخصا دراهم ثم يحدها المودع ثم ثبتت بينة فهل تقطع يد المودع؟

لا، لا تقطع ولا ينتقض ما سبق بهذا، لماذا؟ لأن المودع أخذ المال لمصلحة مالكه، ولم يطلبه، ولأن المودع محسن إليه والمعير محسن فكيف نجازي المحسن يجحد ماله ونقيس عليه من جحد مال من أحسن إليه، هذا قياس مع الفارق الواضح.

على كل حال: نحن استطردنا كثيرا لكن لا بأس، المهم أن يعرف الطالب المناقشة بين آراء العلماء؛ لأنها تفيد الطالب وهذا هو حقيقة طلب العلم أن يكون عندك ملكة في مناقشة الآراء وبيان الراجح وكيف يرجح.

٨٢٢ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت: يا رسول الله، إن فلانا قدم له بز من الشام، فلو بعثت إليه فأخذت منه ثوبين نسيئة إلى ميسرة؟ فبعث إليه، فامتنع». أخرجه الحاكم، والبيهقي، ورجاله ثقات.

تقول: "إن فلانا قدم له بز من الشام"، وكان النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إلى ثياب، والبز نوع من أنواع الثياب، وقولها: "إن فلانا" يحتمل أنها عينته وأن الرواة طووا ذكر اسمه سترا عليه، ويحتمل أنها لم تذكره أيضا هي حينما حدثت بالحديث، أما ذكرها إياه للرسول صلى الله عليه وسلم فلابد أن تعين، تقول: إن فلانا، يعني: اسمه حتى يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقولها: "من الشام"؛ لأن الشام في ذلك الوقت كان مركزا تجاريا عظيما؛ لأنه قريب من الجزيرة العربية، فلذلك كان العرب يذهبون إلى الشام في أيام الصيف وإلى اليمن في أيام الشتاء، وعلى هذا قوله تعالى: {لإيلاف قريش إءلافهم رحلة الشتاء والصيف} [قريش: ١ - ٢].

قوله: "فلو بعثت ... ألخ"، يعني: أرسل إليه شخصا يطلب منه أن يبيع عليه ثوبين نسيئة إلى ميسرةـ يعني: إلى أن ييسر الله على المشتري، فامتنع الرجل، وهذا الرسول الذي أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>