وقالوا أيضا: الزوج يتبسط بمال زوجته كما جرت العادة، ولو سمح لها بأن تتصرف كما شاءت لفقد هذا التبسط، من أين يتبسط لو تصدقت لا يبقى له شيء يتبسط به، قالوا: وأيضا إذا كان عندها مال هان عليه البذل في النفقة؛ لأنها إذا كان عندها مال لا تلح عليه في الإنفاق تقول: أعطني كذا، فإن تيسر وإلا أنفقت من مالها فلا تلح عليه، لكن إذا بذلت مالها وبقيت صفر اليدين لا يمكن أن تجعله يطمئن، كلما دخل البيت: أعطنة لكذا، وإذا جلس يتغذى: أعطني لكذا، يتعشى: أعطني لكذا، عند المنام: أعطني لكذا، لماذا؟ لأنها معدمة، لكن إذا كان عندها مال فإنها تنفق إن تيسر أعطاها وإلا أخذت من مالها فلهذا كان لها الحق في السيطرة على مالها، وألا تتصرف إلا بإذنه، لو قال قائل: ألا يمكن حمل الحديث على وجه خامس، بأن نقول: المراد بالمال المال الخاص، أي: المال الذي تتعلق به رغبة الزوج كالحلي والثياب الجميلة وما أشبهها بخلاف المال الذي لا تتعلق به رغبة الزوج وليس للزوج فيه مدخل فيكون المال عاماً أريد به الخاص، لأن هذا تتعلق به رغبة الزوج إذا أصبح الزوج بل إذا أمسى الزوج وإذا الحلي الذي كانت في يد امرأته مملوءة به لا يوجد منه شيء لا شك أن هذا سيقلل الرغبة بالنسبة للزوج ويفوت به شيء من المتعة، حتى لو كان عندها مال تصرفت في الحلي قد يقول اشترى بدله، وتقول: إن شاء الله، ويأتي يوم، ثم أسبوع، ثم شهر، ثم سنة، وهي تقول: أشتري ولكن لا تشتري، أقول: إن كان أحد قال بهذا الوجه فهو جيد، فصار أحسن ما يقال في هذه الأقوال، هذا أن يحمل الحديث على المرأة السفيهة ويكون المراد بالمرأة المراد بهذا العموم المخصوص أو يحمل المال على المال الذي تتعلق به متعة الزوج وهو الحلي وما تتجمل به لزوجها ويكون المراد بمال أيضا عاماً أريد به الخاص ولا عجب أن يوجد عام يراد به الخاص، لأن هذا كثير في القرآن والسنة:{الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم}[آل عمران: ١٧٣]
ومن الناس؟ نعيم بن مسعود الأشجعي واحد، إن الناس من؟ أبو سفيان أو أشراف قريش، لكن ليسوا كل الناس قد جمعوا لهم، إذن عام أريد به الخاص، فلا غزو أن يوجد عام يراد به الخاص، فأوجه ما أرى في هذا الحديث أحد هذين الأمرين: إما أن يكون المراد بالمرأة: المرأة السفيهة ويعني هذا: أن ولاية أبيها تنتقل إلى الزوج، أو أن المراد بالمال: ما تتعلق به رغبة الزوج، وليتم به متاعه، ويكون هذا في الحلي وشبهه؛ لأن ذلك يفوت على الزوج شيئاً من المتعة وحينئذ يبقى الحديث ليس فيه إشكال.