٨٣٤ - وعن قبيضة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: «إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة؛ فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتي يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة» رواه مسلم.
هذا الحديث في حل المسألة، وجعله المؤلف في باب التفليس والحجر؛ لأن المناسبة فيه ظاهرة، فإن الإنسان إذا أصيب بجائحة صار مفلساً وحينئذ يكون هذا الحديث له ارتباط وثيق في باب الحجر.
يقول صلى الله عليه وسلم:«إن المسألة لا تحل ... إلخ»«المسألة» يعني: سؤال الناس العطاء، لا تحل «إلا لأحد ثلاثة» ثم بينهم، وقوله:«إلا لأحد ثلاثة» هذا مجمل بينه فيما بعد، والإجمال أولاً ثم التبيين ثانياً من أساليب اللغة العربية، وهو من مقتضى البلاغة، وذلك أن الشيء إذا جاء مجملاً فإن النفس تتطلع إلى بيان هذا المجمل، فإذا جاء التفصيل ورد على نفس متشوفة لتفصيل هذا المجمل، ومعلوم أن الشيء إذا ورد على نفس متشوقة صار أسرع في فهمه، وأرسخ في بقائه، فلهذا كان من أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجمل أولاً ثم يفصل ثانياً.
وقوله في الحديث:«رجل تحمل»«رجل» بالجر على أنه بدل بعض من كل، والبدل- كما تعرفون- أقسامه خمسة، وبعضهم يجعله ستة، لكن من أقسامه: البعض من الكل، ف «أحد ثلاثة» هذه كل «رجل» هذا بعض من هذا الكل، «رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك»«تحمل» يعني: التزم في أمر عام ومصلحة عامة حمالة، فهذا له أن يسال حتى يصيبها ثم يمسك ولو كان غنياً.
والثاني قال:«ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش»«أصابته جائحة» ما يجتاح الشيء، أي: يتلفه مثل الحريق أو غرق أو هدم، اجتاحت ماله كرجل صاحب غنم أتاه الوادي فاجتاح الغنم وتلفت عليه، فهذا رجل أصابته جائحة، «تحل له المسألة حتى يصيب قواماً» أي: ما يقوم به وهو ما تنحل به الضرورة فقط، ثم بعد ذلك يمسك.
الثالث:«رجل أصابته فاقة» شدة الفقر، «حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة» فهذا تحل له المسألة.