للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن للضرورات أحكاماً تخالف حال الاختيار؛ وذلك لأن المسألة حرام إلا في هذه الأحوال التي هي ضرورة.

ومن فوائد الحديث: تشوف الشارع إلى المصالح العامة والإصلاح بين الناس وذلك بإباحة المسألة لمن تحمل حمالة لهذا الغرض، مع أن الأصل في المسألة التحريم.

ومن فوائد الحديث: أن من اجتاحت ماله جائحة فإنه لا يحل له أن يأخذ بقدر الجائحة بل يأخذ ما يقوم به العيش فقط، فلو فرض أن ماله الذي أصابته الجائحة يساوي مائة ألف وهو يكفيه لقوام العيش مائة ريال فقط فإنه لا يأخذ أكثر من مائة ريال، لأن المقصود بهذه المسألة هو رفع الضرورة عنه لا أن يرد عليه ما أصيب به من الجوائح.

ومن فوائد الحديث: أن الجائحة التي تصيب الثمار تكون على المستوى ولا يتحملها البائع لعموم قوله: «اجتاحت ماله فحلت له المسألة» وبذلك أخذ بعض أهل العلم وقال: إن حديث وضع الجوائح الذي مر علينا منسوخ بهذا الحديث، ولكن الصحيح خلاف ذلك، لأن الحديث عام وذلك خاص، [وصورة المسألة]: إذا اشترى شخص تمراً من إنسان على رؤوس النخل وأصيب هذا الثمر بجائحة، فقد مر علينا أن الجائحة تكون على البائع، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق» وهذا الحديث لو أخذنا به لكان يقتضي أن تكون الجائحة على المشتري؛ لأن الثمر ماله بعد الشراء، ولكن يقال: هذا عام، وحديث وضع الجوائح خاص، والمعروف عند أهل العلم أن الخاص يقتضي على العام.

ومن فوائد الحديث: أن من أصيب بفقر بعد غنى فإنه لا يحل له الأخذ أو لا يعطي من الزكاة إلا إذا شهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه بأنه فلاناً أصابته فاقة.

ومن فوائد الحديث: اعتبار العقل والخبرة في الشاهد لقوله: «من ذوي الحجى من قومه» فقوله: «ذوي الحجى» هذا العقل و «من قومه» هذه الخبرة؛ لأن قومه أخبر به من غيره، فلابد من اعتبار هذين الأمرين في الشهادة: العقل؛ وأن تكون الإنسان ذا خبرة بما شهد به.

ومن فوائد الحديث: أنه كلما كان الشيء أشد امتناعاً كان ثبوته أكثر، يعني: كان طلب ثبوته أكثر وأشد تحرياً، فهذه المسألة لابد فيها من شهود ثلاثة، يعني: لا يصلح أن يأتي رجلان ويقولان: نحن نشهد بأن هذا الرجل كان غنياً ثم افتقر لا يكفي بل لابد من ثلاثة لماذا؟ لأن هذا الذي ادعى الفقر بعد الغنى تعلق بدعواه حق الغير لأنه إذا أخذ من الزكاة فسوف يزاحم غيره، فتكون الشهادة الآن على استحقاقه، وعلى مزاحمة غيره على استحقاقه بكونه افتقر، وعلى مزاحمة غيره؛ لأنه إذا أعطي من الزكاة حجز ما أعطيه عن غيره، ولذلك كانت البينة فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>