للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا حد الأعلى زال الخطر، لكن يقول: أنا ضامن ما عليه، وقد يكون عليه عشرة ملايين، وهو ما عنده إلا عشرة إلاف هذا صعب، فالقول الوسط في هذه المسألة: أنه يجوز ضمان الدين المجهول إذا حدد الضامن حدا أعلى حتى يكون على بينة من أمره.

ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة أبي قتادة رضي الله عنه حيث أحسن إلى هذا الميت حتى صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا من فضائله فإنه ينبغي لنا أن نقتدي به وبأمثاله من أهل الخير وأن نفرج عن كرب المكروبين، فإن من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للقاضي وولي الأمر أن يستثبت من المقر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «حق الغريم وبرئ منها الميت» فقال أبو قتادة: «نعم» وإنما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك من أجل أن يثبت الحق، وإذا فإن مقتضى الضمان أن يتحمل الضامن حق الغريم، ولكن أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يثبت الأمر فقال: «حق الغريم ... إلخ» فقال: نعم

ومن فوائد الحديث: أن المضمون يبرأ بإبراء الضامن له لقوله: «وبرئ منهما الميت» وعلى هذا فلا يرجع أبو قتادة في هذا الحديث في تركة الميت بشيء لأنه التزم مع الميت وأبرأه فلا يرجع بشيء، فإن لم يبرأ الضامن المضمون عنه، بل فأن: أنا ضامن فقط فهل يبرأ بالمضمون عنه؟ الجواب: لا، بل يتعلق الحق بذمة الضامن وذمة المضمون عنه، ويكون لصاحب الحق في استيفاء حقه جهتان جهة: من جهة المضمون عنه، وجهة: من جهة الضامن، فله أن يطالب الضامن وله أن يطالب المضمون، ويذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يحق له أن يطالب الضامن إلا إذا تعذر عليه مطالبة المضمون، وبناء على هذا القول لو جاء الغريم إلى الضامن، وقل: أوف، فله أن يقول: أذهب إلى المضمون عنه، فإذا أبى أن يوفيك فأنا أوفيك، وعلى القول الأول هل يملك الضامن هذا؟ لا، القول الأول أن للغريم مطالبة الضامن والمضمون عنه، على هذا القول إذا جاء الغريم للضامن وقال أعطني ما ضمنت، فليس له الحق أن يقول: أذهب إليه فإن أبي فأتني، ولكن لو شرط الضامن أنه لا يدفع الدين إلا إذا تعذر استفاؤه من المدين ورضي الغريم بذلك فإن المسلمين على شروطهم، ويكون هذا القول قولاً وسطاً بمعنى أن له الحق أن يرجع على الضامن ما لم يشترط أنه لا يرجع عليه أو لا يستوفي منه إلا إذا تعذر الاستيفاء من المضمون عنه.

ومن فوائد الحديث: أن المضمون عنه يبرأ براءة كاملة إذا التزم الضامن ذلك وأبرأ المضمون عنه، ووجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: «نعم» ولولا أنه يبرأ ما صلى عليه؛ لأنه إذا لم

<<  <  ج: ص:  >  >>