للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبرأ فقد تعلق الدين بذمته، وإذا كان الدين متعلقا بذمته لم يكن هناك فرق بين الحال الأولى التي قبل الضمان عنه والحال الثانية التي بعد الضمان عنه، وهذا القول هو الصحيح أنه إذا تحمل أحد الدين عن الميت على وجه يبرأ به الميت ورضي الغريم فإنه يبرأ الميت براءة تامة، وعلى هذا فلا تتعلق نفسه بدينه كما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» فإذا ذهب الورثة إلى غريم لأبيهم وقالوا: إن الدين الذي لك على أبينا نحن نلتزمه ونبرئ الميت منه فرضي بذلك الغريم فإن الميت يبرأ براءة كاملة، وكذلك إذا وثق حق الغريم برهن فإنه يبرأ الميت براءة كاملة، ولا تتعلق نفسه بدينه، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة بدين عليه عند يهودي، ومن المعلوم أننا لا نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم معلقة نفسه بدينه بل خرج من الدنيا ولم يطلبه أحد- صلوات الله وسلامه عليه- لأنه قد وثق الدين بالرهن بالدرع التي رهنها عند الغريم.

ومن فوائد الحديث: الاكتفاء بالجوار ب «نعم» لقوله: «نعم» وعلى هذا فلو قيل لشخص: أعتقت عبدك؟ قال: نعم، فيعتق، طلقت زوجتك؟ قال: نعم طلقت قال ولي المرأة: زوجتك بنتي فقيل له: أقبلت؟ قال: نعم، ينعقد النكاح، أفي ذمتك لفلان مائة درهم؟ قال: نعم، يثبت، المهم أن «نعم» تقوم مقام الجواب، بل هي حرف جواب، وقد قيل: إن السؤال معاد في الجواب، فإذا قيل: أعليك كذا؟ قال: نعم، فالتقدير: على كذا.

٨٤٠ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه» متفق عليه.

وفي رواية للبخاري: «فمن مات ولم يترك وفاء»

قوله: «يؤتى بالرجل» يعني: يأتي أهل الميت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: «المتوفى» هذا هو الصواب في نطقها، ولا تقل: «المتوفى» وتقول: «توفي زيد» ولا تقل: توفي، وذلك لأن الميت متوفى وليس متوفياً، قال الله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها} [الزمر: ٤٢] وقال الله تعالى: {قال يتوفاكم ملك الموت} [السجدة: ١١] إذن ما تسمعه من بعض الناس من قولهم: «توفي فلان» فهو خطأ من حيث اللغة العربية.

«يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين» الجملة هذه حالية من «الرجل» أو نائب فاعل «يتوفى»

<<  <  ج: ص:  >  >>