يجوز هذا وهذا، «فيسأل» يعني: النبي صلى الله عليه وسلم «هل ترك لدينه من قضاء؟ إلخ» يقول: «فيسال هل ترك لدينه من قضاء؟ » وفي حديث أبي قتادة السابق لم يسأل هل ترك لدينه من قضاء، فإما أن يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة لمن عليهم الدين صار له ثلاث حالات: حال لا يسال، وحال يسأل وحال يقضي الدين، وإما أن يقال: إن حديث أبي قتادة رضي الله عنه قد يكون الرسول صلى الله عليه وسلم علم من حال الرجل أنه ليس عنده شيء كان فقيراً يحتمل أن عليه ديناً أم لا، ولهذا سأل هل عليه دين، يعني: كأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعرفه لكن لا يدري هل عليه دين أم لا فسال، وإذا كان كذلك لم يكن هناك فرق بين حديث أبي هريرة وحديث جابر رضي الله عنه، يقول:«هل ترك لدينه من قضاء؟ » فإن حدث أنه ترك وفائ صلى عليه، وذلك لأن حق الغريم صار مضمونا بما ترك الميت من قضاء فيصلي عليه، وإلا يعني إذا قال ما عنده شيء قال: صلوا على صاحبكم، وهل قضاء الدين مقدم على الوصية؟ الجواب: نعم، وهل هو مقدم على الميراث؟ الجواب: نعم أما تقديمه على الميراث فبنص القرآن، فإن الله تعالى لما ذكر المواريث قال:{من بعد وصية يوصين بها أودين}[النساء: ١١] لكن كيف نقول: إن الدين مقدم على الوصية مع أن لوصية مقدمة على الدين في الذكر: {من بعد وصية يوصي بها أودين} وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «ابدأ فيما بدأ الله به» ولا يبدأ إلا بالأهم فالأهم؟ فالجواب: أنه قد صح من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، والمعنى يقتضي ذلك، لأن الدين واجب، والوصية تبرع ليست بواجبة، ولكن قدم ذكر الوصية على الدين من أجل العناية بمراعاتها؛ لأنه لما كانت الوصية تبرعاً فإن من المتوقع أن يتهاون الورثة بها فجبرت بالتقديم، أما الدين فإنهم لم يتهاونوا به ولو تهاونوا به، لوجد من يطالب به، فمن أجل ذلك قدمت الوصية جبراً لما قد يحصل عليها من التفويت والإخلال، ويقول:«فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم» لما فتحت عليه الفتوحات وكثر المال عنده، ولاسيما من بعد صلح الحديبية لأنه بعد صلح الحديبية فتح الله على رسول صلى الله عليه وسلم فتح عليه خيب، وكان الناس بالأول أجياعا حتى فتحت خيبر فشبعوا وكذلك كانت غزوة حنين حصل فيها مغانم كثيرة لما فتحت الفتوحات قال:«أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم» إذا كان هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وجب أن يقدموه على أنفسهم، معناه: أني أراعي أنفسهم، إذا كان هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وجب أن يقدموه على أنفسهم، معناه: أني أراعي أنفسهم أكثر مما يراعونها كل إنسان يراعي نفسه، لكن رعاية النبي صلى لله عليه وسلم لنا أكثر من رعايتنا لأنفسنا:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}[التوبة: ١٢٨] وهذا وجب علينا أن نقدم محبته على محبة أنفسنا، وأن نفديه بأنفسنا، وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا وكل أحد، قال:«فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه» لكن دين له وفاء أو ليس له وفاء؟ ليس له وفاء.