وفي رواية:«من مات ولم يترك وفاء فعلي قضاؤه» وقد ورد غب نفس الحديث أن من ترك ضياعاً- يعني: عقارات ومالاً- فلورثته، فكان صلى الله عليه وسلم يجبر ولا يجبر كيف ذلك؟ يعني: يقضي الدين ولا يأخذ التركة، إذا مات أحد وعنده تركة لا يأخذها بل تكون لورثته، وإن مات أحد عليه دين وليس له تركة فإنه يقضيه.
قال:«هل ترك لدينه»، الدين: كل ما ثبت في الذمة سواء كان ثمن مبيع أو أجرة أم قرضاً أم صداقاً أم ضماناً لمتلف أم غير ذلك، كل ما ثبت في الذمة فهو دين عند العلماء، خلافاً لما يفهمه العامة الآن من أن الدين هو التورق، يعني: أن يبيع الإنسان على شخص شيئاً بثمن مؤجل أكثر من ثمنه حاضراً، ويسمى الدين والوعد والتورق وما أشبه ذلك، لكن الدين في الشرع أعم من ذلك كل ما ثبت في الذمة من ثمن مبيع، أو أجرة، أو قرض أو ضمان أو صداق أو خلع أي شيء يثبت في الذمة فهو دين.
يقول:«هل ترك لدينه من قضاء؟ »«من» حرف جر زائد لفظاً، لكن له معنى، ولهذا نقول:«من قضاء» مفعول «ترك» منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، «من قضاء» أي: من شيء يقضي منه الدين، «فإن حدث» يعني: يحدث أنه ترك وفاء قال: «صلوا على صاحبكم» والجملة هنا شرطية حذف منها فعل الشرط، وأما أداة الشرط فلم تحذف لكنها أدغمت ب «لا» وتقدير الكلام: وإن لم يحدث أنه ترك وفاء، أما جواب الشرط فهو قوله: قال: صلوا «وإلا قال: صلوا على صاحبكم» يعني: على من أتيتم بصحبته وهو هذا المتوفى سواء كان صاحبا له في الدنيا أم لم يكن؛ لأنهم الآن حين جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه أصحاب له.
«فلما فتح الله عليه الفتوح»«الفتوح» جمع فتح، والمراد بذلك: البلاد التي فتحها الله عليه، ولاسيما مثل خيبر، فإن المسلمين غنموا فيها مغانم كثيرة، وكذلك غزوة حنين غنموا فيها مغانم كثيرة، «لما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم» يعني: أنا أوثق ولاية من المؤمنين بأنفسهم، كل ولي نفسه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالإنسان من نفسه إذا كان مؤمنا فإذا كان المؤمنون بعضهم أولياء بعض فالنبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس إيماناً وأقواهم، فيكون صلى الله عليه وسلم هو أولى المؤمنين بالمؤمنين، ولهذا قال:«أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم».
«فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه» فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم ضامناً لديون من مات وليس له وفاء