المعنى: أنه معهما بالتسديد والتوفيق يوفقهما والله عز وجل إذا كان يسدد الإنسان في بيعه وشرائه حصل خيرًا كثيرًا كما في قصة عروة بن الجعد رضي الله عنه حينما وكله الرسول صلى الله عليه وسلم أن يشتري له أضحية وأعطاه دينارًا قال: خُذ هذا الدينار اشتر به أضحية فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار، ورجع بشاة ودينار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: » اللهم بارك له في بيعه وشرائه «، فكان لو اشترى ترابًا لربح فيه؛ لأن الله أجاب دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإذا سدد الله الإنسان يسر الله له فصار يشتري الشيء ثم يزيد، وإذا خُذل الإنسان ونزع الله منه البركة صار بالعكس يشتري الشيء هو وآخر فيبيعه هو بخسارة، والثاني يبيعه بربح، وهذا مشاهد، كيف يبيعه بخسارة؟ لما هبطت الأشياء بعدما اشترى هو وصاحبه صار متسرعًا وقال: نزلت القيمة اليوم عشرة في المائة أخشى غدًا ان تنزل عشرين في المائة بعد أن نزلت عشرة في المائة فيخسر، باع ما يساوي مائة بتسعين، أما الثاني فقال: لا، لا أبيع بخسارة ربما تزيد، فالذي قدّر النقص يقدر الزيادة فأبقاه يومين، او ثلاثة، فباعه بمائة وعشرة فربح، وكلاهما قد اشترياه على حد سواء، فإذا أنزل الله سبحانه وتعالى- البركة للإنسان وسدده صار يشتري الشيء ويربح، وغيره يشتري فيخسر، إذن الله سبحانه يكون ثالث الشريكين.
قال: » ما لم يخن أحدهما صاحبه «، » ما «يسمونها مصدرية ظرفية، كيف ذلك؟ مصدرية: لأنه يحول الفعل بعدها إلى مصدر، ظرفية؛ لأنه يقدر قبل المصدر ظرف، فيكون التقدير: أنا ثالث الشريكين مدة انتقاء خيانة أحدهما صاحبه، أو مدة عام خيانة أحدهما صاحبه، أيهما أحسن عدم أو انتفاء؟ انتفاء؛ لأننا نقول: » لم «نافية، ولا نقول: عدمية، فالأحسن المطابق للفظ أن نقدر انتفاء، ما هي الخيانة؟ الخيانة: مخالفة الأمانة، وتكون بعدة أساليب مثل أن يكتم عنه شيئًا من الربح تربح السلعة عشرة ويقيد الربح تسعة أو خمسة، ومن ذلك ما يفعله بعض الناس الوكلاء للدولة- والعياذ بالله-يذهب إلى راعي الدكان ويشتري منه حوائج- مشتريات-يقول: قيدها بالفاتورة عشرة، وهو لا يعطيه إلا خمسة، هذا خيانة للدولة، الدولة التي يجب عليك النصح لها كما تنصح لنفسك؛ لأن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين، لكن هؤلاء لا يخافون الله عز وجل فيتفق مع صاحب الدكان بأن يقيد بالفواتير السلعة بمائة وهي أقل من ذلك، هذه خيانة، فمثلًا إذا اشترى هذا الشريك الشيء بمائة وهي أقل من ذلك هذه خيانة، قيده بمائة وعشرين فهذه خيانة، ومن الخيانة أيضًا ألا ينصح في البيع والشراء فُيحابي قريبه إذا اشترى بمال الشركة من قريبه زاد في الثمن وإذا باع على قريبه نقص في الثمن، فالمهم أن الخيانة لها صور لا تُحصى جِمَاعُها أنها ضد الأمانة في كل شيء، فإذا حصل خيانة قال: » فإذا خانا خرجتُ من بينهما «، وإذا خرج الله من بينهما فلا تسأل عن الدمار والخسارة؛ لأنهما لا يوفقان أبدًا. «»