في هذا الحديث فوائد: أولًا: جواز الشركة، ووجه ذلك: أن الله يكون ثالث الشريكين غذا انتفت الخيانة بينهما.
ومن فوائده: الترغيب في أداء الأمانة في الشركة، ووجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الله ثالث الشريكين ترغيبًا في أداء الأمانة، وهل منها أن الشركة مستحبة؟ هي جائزة لا شك، لكن لاحظ أن الله يكون ثالثهما ما لم يخن أحدهما صاحبه، والخيانة واردة أو منتفية؟ واردة، فالإنسان إذا شارك فقد خاطر؛ لأن المسألة ليس الله يكون ثالثهما مطلقًا بل ثالثهما ما لم يخن أحدهما صاحبه، ومن الذي يأمن نفسه من الخيانة؟ ! ! ولهذا إن قلنا بأن الشركة مستحبة فيجب أن يكون ذلك بقيد وهو أمن الإنسان نفسه من الخيانة، ولكن لاشك أن الانفراد أسلم، كون الإنسان ينفرد بماله ولا يشاركه أحد فيه أسلم؛ لأنه يبقى حرًا طليقًا يتصرف بما شاء في ماله حسب الحدود الشرعية، لكن إذا كان مشاركًا مشكل لاسيما إذا كان شريكه من البخلاء؛ لأن أيضًا بعض الشركاء يصير بخيل يقول: لا تصرف قرشًا واحدًا إلا معلمة مشكل هذا، وأيضًا قد يكون المال قليلًا، وإذا كان المال قليلًا فإن كل واحد من الشريكين يريد أن يُبين له كل تصرف، صحيح إذا كثر المال هان عند الشريكين تصرف كل واحد بالمال، لكن إذا كان قليلًا ولاسيما إن نُكبوا بحسرات فلا تسأل، لهذا أرى أن الانفراد أسلم من الشركة، وأننا على فرض القول بأنها مستحبة من أجل أن الله ثالث الشريكين يُشترط فيها أن يأمن الإنسان نفسه، وإلا فلا يشارك.
ومن فوائد الحديث: الحث على الأمانة، وأن الأمين يسدده الله عز وجل.
ومن فوائده: التحذير من الخيانة، وأن الإنسان إذا خان نُزعت منه البركة، وتخلى الله عنه، وما بالك بشيء تخلى الله عنه، فيكون عليه الدمار والخسارة.
٨٤٣ - وعن السائب المخزومي رضي الله عنه: أنه كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، فجاء يوم الفتح، فقال: » مرحبًا بأخي وشريكي «.رواه احمد، وأبو داود، وابن ماجه.
بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت وهو على رأس الأربعين من عمره الشريف، وكان بالأول يبيع ويشتري، وكان يرعى الغنم، وكان يأخذ بضاعة لخديجة إلى الشام، ومعروف صلى الله عليه وسلم بأنه يبيع ويشتري، ومعروف أيضًا بالأمانة التامة، حتى كانت قريشًا تسميه» الأمين»