مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام: ١٤٥]. وإلى قوله صلى الله عليه وسلم حين أمر أبا طلحة:"إن الله ورسوله نهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس". نستفيد من هذه العلة أن كل نجس فهو حرام، وهو كذلك كل نجس حرام، وليس كل حرام نجسا، إذن قرن الحكم بالعلة له ثلاث فوائد، وإن شئت فقل: ثلاث حكم.
ومن فوائد هذا الحديث: أن العرق لا يمنع الصلاة، يعني لو انبعث عرق من الإنسان في أي مكان من بدنه فإنه لا يمنع الصلاة، بل يجب على الإنسان أن يصلي ولو كان فيه هذا الدم، ولكن هل ينتقض وضوؤه، بمعنى: هل تلزمه أن يتوضأ لكل صلاة أو لا؟ في هذا تفصيل إن كان الدم من السبيلين - أي: من القبل والدبر - فإنه ينقض الوضوء ويلزمه إذا كان مستمرا أن يتوضأ لكل صلاة، وإن كان من غير السبيلين فإنه لا ينقض الوضوء ويلزمه إذا كان مستمرا أن يتوضأ لكل صلاة، وإن كان من غير السبيلين فإنه لا ينقض الوضوء، كما لو كان فيه رعاف دائم أو جرح دائم الجريان أو ما أشبه ذلك فإنه لا ينقض وضوؤه.
ومن فوائد هذا الحديث: تفريق الأحكام أو تفرق الأحكام بتفرق الأسباب، الحيض سبب لترك الصلاة، والعرق ليس سببا لترك الصلاة، فتصلي.
ومن فوائد هذا الحديث: رجوع المستحاضة إلى عادتها؛ لقوله:"إذا أقبلت حيضتك"، ولكن إذا كانت المستحاضة مبتدأة، يعني: لم يسبق لها عادة فإلى أي شيء ترجع؟ نقول: ترجع إلى التمييز؛ لأن الاستحاضة قد تصيب المرأة من أول ما يأتيها الحيض، فنقول: ترجع هذه إلى التمييز، فإذا كان في دمها دم أسود ثخين له رائحة فهو الحيض، وإن لم يكن كذلك فتبقى مشكلة وهي إذا لم يكن في دمها شيء بهذا الوصف أي ليس لها عادة، وليس عندها تمييز فماذا تصنع؟
قال العلماء - وجاء في السنة أيضا-: تجلس من أول وقت أتاها الحيض غالب ما تجلسه النساء، وهو ستة أيام أو سبعة من كل شهر، فمثلا إذا ابتدأ بها الدم في أول يوم من "محرم"، واستمر وليس لها عادة، وليس لها تمييز، نقول: تجلس في الشهر الثاني في "صفر" ستة أيام، أو سبعة، ثم تغتسل وتصلي وتستمر هكذا.
فإن قال قائل: لماذا جعلتموها تجلس أول كل شهر؟ قلنا: لأن الله تعالى جعل عدة من لا تحيض ثلاثة أشهر، وعدة من تحيض ثلاثة قروء، فدل هذا على أن الحيض المعتاد يأتي المرأة كل شهر مرة وأولى ما نبتدئ المدة من ا, ل ما أتاها.
إذا تعارض التمييز والعادة، امرأة معتادة يأتيها الحيض أول يوم من الشهر سبعة أيام كل ما