ويستفاد من الحديث: أن العرق غير الظالم له حق، مثاله: استأجرت منك أرضًا لأغرس فيها شجرًا لمدة عشر سنوات وانتهت المدة والشجر باقٍ فهل يطالبني صاحب الأرض أن أقلع الشجر ويتلف علي؟ نقول: الحديث يدل على أن العرق لو كان بحق فلصاحبه حق، وحينئذ لا نلزمك بقلع هذا الشجر الذي غرسته بل يبقى لك بالقيمة، فيقال: قدر الأرض خالية من الشجر، وقدرها فيها الشجر، فإذا قدرناها خالية من الشجر بمائة ألف وقدرناها موجودًا فيها الشجر بمائة وخمسين ألفًا فتكون قيمة الشجر خمسون ألفًا، فنقول لصاحب الأرض: هذه العرق ليس بظالم فله حق، وحينئذ يبقى العرق مقومًا عليك بقيمته خمسين ألفًا في المثال الذي ذكرنا فإن قال صاحب الشجر: أنا أريد أن أقلع شجري، نظرنا فإن كان قصده الإضرار منعناه، وإن كان له غرض مقصود وافقناه؛ لأنه الآن له غرض مقصود؛ كأن يقول: أريد أن أقلع الشجر بعروفه لأغرسه في أرض لي ويثمر من سنته، هذا له غرض مقصود فنقول: لك الحق الشجر شجرك، وإن قال: أقلعه وأرميه، لكن لا أريد أن ينتفع صاحب الأرض بغرس من الآن وينتظر عشر سنين، ماذا نقول؟ نمنعه؛ لأن في هذا إضرارًا بنفسه وإضرارًا بأخيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا ضرر ولا ضرار»، وأنت الآن تتلف هذا الشجر على صاحبك، وأنت أيضًا تخسر خمسين ألفًا.
- وآخره عند أصحاب السنن من رواية عروة، عن سعيد بن زيدٍ.
- واختلف في وصله وإرساله، وفي تعيين صحابيه.
أما الاختلاف في تعيين صاحبيه فإنه لا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول، وأما الاختلاف في الوصل والإرسال، فقد اختلف أهل الحديث هل هذه العلة قادحة أو ليست قادحة؟ والصحيح أنها ليست قادحة إذا كان الواصل ثقة؛ لأن مع الواصل زيادة علم، ولا ينافي الإرسال، لو كان الوصل ينافي الإرسال طلبنا الترجيح، لكنه لا ينافيه؛ لأن المحدث أحيانا يصل الحديث وأحيانًا يرسله، بل أحيانًا يرفعه وأحيانًا يقفه، أحيانًا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأحيانًا يحدث به من عند نفسه، مثلاً حديث عمر بن الخطاب:"إنما الأعمال بالنيات" ربما يسنده عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وربما يقول عمر لشخص من الناس:"إنما الأعمال بالنيات"، فيرويه الراوي عن عمر بالصيغة الثانية على أنه موقوف، ويرويه الأول على أنه موصول مرفوع.
فالحاصل: أنه إذا اختلف في الوصل والإرسال؛ فالصحيح أننا نأخذ بالوصل ما دام الواصل ثقة؛ وذلك لأنه لا منافاة بين الوصل والإرسال.