ومن فوائد الحديث: جواز المساقاة لقوله: «عامل أهل خيبر»، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة.
ومن فوائده: أنه إذا شرط سهم لأحد المتعاملين للآخر، فمثلاً إذا قيل في عقد المساقاة: لرب الشجر الثلث وسكت عن سهم العامل فإن هذا صحيح؛ لأنه إذا تعين سهم أحدهما كان للثاني الباقي، أي: لا يشترط أن أقول في المساقاة: لرب الشجر الثلث وللعامل الثلثان؛ لأنك إذا عينت سهمًا لأحدهما كان الباقي للآخر.
ومن فوائد الحديث: جواز المشاركة إذا تساوى الشريكان في المغنم والمغرم؛ لقوله:"بشطر ما يخرج منها". مع أن العامل ربما يعمل ويتعب في ماله وبدنه ثم تفسد الثمرة فيكون غير رابح، لكن كما أنه غير رابح فكذلك صاحب الشجر هو أيضًا غير رابح؛ لأنه كان يؤمل أن شجره يثمر ولم يثمر، فإذا تساوى الشريكان في المغنم والمغرم فإن الشركة جائزة، المحظور هو أن يختلف الشريكان بأن يكون أحدها غارمًا بكل حال والآخر تحت الخطر.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يشترط أن يكون الغراس في المغارسة والبذر في المزارعة من رب الأرض، مثال ذلك: أعطيت شخصًا أرضًا بيضاء ليغرسها وله نصف الشجر، هذه مغارسة هذا يجوز حتى لو كان هو الذي يشتري الشجر، كذلك أعطيته هذه الأرض البيضاء ليزرعها بنصف الزرع والحب على المزارع هذا أيضًا لا بأس به، هذا ما دل عليه حديث ابن عمر في قصة المساقاة والمزارعة لأهل خيبر، من أين يؤخذ؟ يؤخذ من وجهين: أولاً: في اللفظ المتفق عليه بشرط ما يخرج منها من ثمر أو زرع، ولم يذكر أن البذر على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو صاحب الأرض، ثانيًا: في رواية مسلم قال: «على أن يعتملوها من أموالهم»، وهذا صريح في أن المال على المزارع، وهذا القول الذي دل عليه الحديث هو القول الراجح وهو الذي عليه العمل من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على أنه لا يشترط في المزارعة وكذلك في المغارسة أن يكون البذر والغراس من رب الأرض، وذهب بعض العلماء إلى اشتراط أن يكون البدر والغراس من رب الأرض، وعلى هذا فلو أعطيت رجلاً أرضًا بيضاء ليزرعها بالنصف من الزرع وجب علي أن يكون البذر مني، وكذلك الغراس من المغارسة، لماذا؟ قالوا: قياسًا على المضاربة؛ لأن المضاربة يكون المال من صاحب المال المضارب وليس على المضارب إلا العمل، قالوا: فقياس ذلك في المزارعة أن يكون البذر من رب الأرض، ولكن هذا القياس قياس فاسد الاعتبار، لماذا؟ لأنه مصادم للنص، والقياس المصادم للنص فاسد الاعتبار لا عبرة به، ثم هو قياس مع الفارق؛ لأن نظير المال في المضاربة الأرض وقد دفعها، أما مسألة