للمستأجر: عليك جميع الأجرة؛ لأنك أبطلت عمل هذا الرجل بدون عذر لك، والأجير مستعد يقول: أنا ما عندي مانع أن أكمل.
لو قال قائل: إذا اتفق المستأجر والأجير على تأجيل الأجرة لشهر أو أكثر فهل يجوز؟ نعم يجوز، لأن الحق لهما، فإذا اتفقا على تأجيل الأجرة جاز، كما أنهما لو اتفقا على تعجيل الأجرة فإنه جائز، ثم قال:
- وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه عند أبي يعلي والبيهقي، وجابر عند الطبراني، وكلها ضعاف.
ولكن حتى لو كانت ضعافًا فإننا نقول: إن الأحاديث الضعيفة إذا تعددت طرقها فإنها ترقي إلى درجة الحسن، هذا من وجه، من وجه آخر القياس، والقواعد الشرعية تقتضي أن يعطي الأجير أجره فورًا؛ لأنه استكمل العمل فوجب أن يعطي أجره فورًا بدون تأخير، فهذا الحديث إذا كان ضعيفًا من حيث تعدد الأسانيد فإننا نقول: إن بعضها يقوي بعضًا، وعلى تقدير أنه لا يتم هذا المدعى فإن القواعد الشرعية تقتضي مدلول هذا الحدوث، أي: أن تبادر بإعطاء الأجير أجره.
٨٧٥ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من استأجر أجيرًا فليسلم له أجرته». رواه عبد الرازق وفيه انقطاع، ووصله البيهقي من طريق أبي حنيفة.
قوله:«من استأجر أجيرًا فليسلم له» أي: يعين له أجرًا بعينه جنسًا وقدرًا ووصفًا، فمثلاً: إذا استأجره بدراهم يبين له جنس الدراهم وقدرها، فمثلاً بقول: دراهم سعودية، دراهم مصرية، دراهم عراقية، دراهم يمنية، ويعينها أيضًا بالقدر كأن يقول: دراهم عشرة، مائة ألف المهم أن يعين، وذلك أن تسمية الأجرة فيها فوائد أهمها: قطع النزاع عند الاختلاف؛ لأننا لو اختلفنا فيما بعد، وطلب الأجير أكثر مما يتصوره المتسأجر صار فيه نزاع، مثاله: لو قلت لرجل: تعال احمل لي هذا المتاع من مكان إلى مكان ولم تسم الأجرة، فحمله، فلما وصل إلى المكان الذي طلبت أن يحمله إليه قال: الأجرة مائة ريال والشيء نفسه يساوي خمسين ريالاً يحصل نزاع، يقول صاحب الشيء: خذ الشيء كله لك؛ لأن قيمته خمسون ريالاً وهو طالب