للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين كتفيه خاتم النبوة، يقول: «فوجدته في جنازة، فجلست خلفه، وعليه رداؤه، فجعلت أتطلع أنظر، فلما رآني أتطلع أنزل الرداء، من أجل أن أرى» وهذا من حسن الخلق، إذا رأيت أخاك المسلم يتطلع إلى شيء وهو لا يضرك أن يطلع فالأحسن أن تريه إياه، يعني: لو كان معك شيء غريب ساعة، قلم، أي شيء، وهذا يتطلع إليه؛ فدعه يراه تدخل عليه السرور، وأنت لا يضرك، المهم أن هذا من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.

٨٨٤ - وعن رجل من الصحابة رضي الله عنه قال: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: الناس شركاء في ثلاثٍ: في الكلأ، والماء، والنار». رواه أحمد، وأبو داود، ورجاله ثقات.

«الناس شركاء في ثلاثة» أولاً: قوله: «غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم» الغزو هو الخروج لقتال الأعداء، وكل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كلها جهاد في سبيل الله، ما خرج يومًا من الأيام إلا لتكون كلمة الله هي العليا، وكان صلى الله عليه وسلم قد حضر بنفسه بضعًا وعشرين غزوة، إما سبعًا وعشرين، وإما تسعًا وعشرين غزوة صلى الله عليه وسلم.

"الناس": مبتدأ، و"شركاء" خبره يعني: مشتركون في ثلاث، وهذا حكم شرعي، "في الكلا"، وهو العشب الذي ينبته الله عز وجل بدون فعل فاعل، هذا الكلأ يعني: ما يكون من الأمطار، فالناس فيه شركاء حتى ولو كان في أرضك، فالناس فيه مشاركون لك لعموم الحديث.

الثاني: الماء النابع من الأرض أو النازل من السماء، الناس فيه شركاء، ولو كان في أرضك، لماذا؟ لأن هذا الماء من فعل الله ليس من فعلك، أنت لو حفرت إلى الأرض السابعة لا تستطيع أن تخرجه، من الذي يخرجه الله {أفرءيتم الماء الذي تشربون ءأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} [الواقعة: ٦٩]. {قل أرءيتم إن أصبح ماؤكم غورًا فيمن يأتيكم بماء معين} [الملك: ٣٠]. فالله تعالى هو الذي أخرج هذا الماء ليس لك فيه حول ولا قولة، غاية ما هنالك أنك سبب فيه، الثالث: النار: اختلف العلماء في النار، ما المراد بها؟ فقيل: وقود النار، وقيل: هي النار نفسها، فعلى الأول يكون المراد بذلك الحطب وشبهه، الناس فيه شركاء، لا يختص به أحد دون أحد، ولا يجوز أن يخصص به أحد دون أحد؛ لأن الناس شركاء فيه، وقيل: المراد بها: النار نفسها وهذا هو المتبادر من اللفظ، والقاعدة عندنا أن الواجب حمل الكلام على المتبادر منه ما لم تمنع منه قرينة، وهنا لا مانع منأن تقول: النار هي النار نفسها، ولكن كيف يكون الناس فيه شركاء يعني: مثلاً إذا أوقدت نارًا وأتيت بماء لي أسخنه عليها ليس لك الحق أن تمنعني من ذلك، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>