للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشبه ذلك، ولهذا لم يكن من عهد السلف أن يكثروا التصدق أو العمل للأموات، وإنما حدث هذا في الأزمنة المتأخرة.

فلو سألنا سائل: ما تقولون: أيهما أفضل أن أصوم يومًا لأبي الميت، أو أدعو له؟ قلنا الأفضل أن تدعو له، وصمم لنفسك، وادعوا الله له، ولاسيما عند الفطر، لو سألنا: هل الأفضل أن أعتمر لأبي أو أدعو له؟

قلنا: اعتمر لنفسك وادع الله له في الطواف في السعي، وهذا هو الأحسن، وأنت أيضًا سوف تحتاج للعمل سيمر بك الذي مر على أبيك، فلا توزع عملك على فلان وفلان، واجعل العمل لك وهؤلاء ادع الله لهم.

ومن فوائد الحديث: أن الأولاد غير الصالحين لا يؤمل فيه الخير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيد ذلك بالولد الصالح؛ فالولد غير الصالح لا يؤمل في الخير، وهذا هو الغالب أن الولد غير الصالح يكون نكدًا على أبيه وعلى أهله، ولكن مع ذلك ينبغي للإنسان إذا وهب الله له ولدًا غير صالح أن يحرص على إصلاحه، وأن يلح على الله بالدعاء في أن يصلحه، وألا ييأس من روح الله، فكثيرًا ما يصلح الولد بعد أن كان فاسدًا، لا يقول: والله عجزت، وهذا لا ينصلح حاله، هذا لا يجوز؛ لأنك لا تدري كم أناس صلحوا بعد أن كانوا فساقًا!

٨٨٦ - وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: «أصاب عمر رضي الله عنه أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخير لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه. فقال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها. قال: فتصدق بها عمر رضي الله عنه: أنه لا يباع أصلها، ولا يورث، ولا يوهب، فتصدق بها في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم صديقًا غير متمولٍ مالاً». متفق عليه، واللفظ لمسلمٍ. وفي روايةٍ للبخاري: «تصدق بأصلها، لا يباع ولا يوهب، ولكن ينفق ثمره».

"خيبر": هي حصون ومزارع لليهود تبعد عن المدينة نحو مائة ميل في الشمال الغربي افتتحها النبي صلى الله عليه وسلم قسم منها ما قسم على الصحابة، وأصاب عمر أرضًا من خيبر فلما أصابها أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، يعني: يأخذ أمره ومشورته فيهان فقال: يا رسول الله! إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب .. الخ، أصبت: يعني: حصلت على أرض، وقوله: "لم أصب مالاً" المال: اسم لكل ما يتمول من أعيان ومنافع وحقوق، أعيان مثل الدور والأراضي، والمنافع كمنافع

<<  <  ج: ص:  >  >>