للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشياء التي استأجرها فإن الإنسان إذا استأجر بيتًا أو استأجر سيارة يملك منافعها أو حقوقًا كحق الشفعة مثلاً، فالمال شامل لهذا كله، وقوله: "قط" هذه ظرف لما مضى وهو مبني على الضم في محل نصب، وتأتي غالبًا بعد النفي، فيقال: ما ملكته قط، وهنا قال: "لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه" أنفس بمعنى: أغلى وأحب، والمال النفيس هو: المال الذي كون محبوبًا عند الناس وغالبًا في نفوسهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مشيرًا عليه: «إن شئت حبست أصلها»، ولم يقل: أحبس أصلها، لئلا يظن عمر رضي الله عنه أن هذا على سبيل الوجوب، بل قال له: «إن شئت حبست أصلها» يعني: وقفته «لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدقت بها» أي: بثمرها، كما جاء رواية أخرى؛ لأنه لا يمكن أن يكون المراد تصدقت بالأصل؛ لأن قوله: "حبست أصلها" لا يتطابق مع قوله: "تصدقت"؛ لأن التصدق ينافي الحبس أو التحبيس، ولهذا نقول! تصدقت بها أي: بثمرها كما جاء مفسرًا في رواية أخرى، قال: فتصدق بها عمر، أي بالثمر، قال: أنه لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب؛ لأن هذا هو معنى الحبس، لا يباع الأصل، ولا يوهب، ولا يورث، والفرق بين البيع والهبة: ظاهر البيع عقد معاوضة، يعني: أنك تعطي الشيء وتأخذ بدله، مثل أن أقول: بعت عليك هذه السيارة بعشرة آلاف، هذا عقد معاوضة، أما الهبة فهي عقد تبرع، بمعنى: أن تبذل المال ولا تأخذ عوضًا عنه، قال: "ولا يورث"، يعني: الأصل لا يورث والإرث: انتقال التركة من الميت إلى من يرثه، وعلى هذا فلا تدخل هذه الأرض في ملك عمر الذي يرثه من بعده ورثته.

"فتصدق بها في الفقراء": هذا بيان لمصارف الوقف الذي وقفه عمر، ويدخل في هذا المساكين، وهم الذين لا يجدون الكفاية، وكذلك يدخل فيه المغارمون، وهم الذين لا يجدون ما يوفون به ديونهم.

والثاني: "ذي القربى": أختلف شراح الحديث في المراد بها، فقيل المراد: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل المراد: قربى عمر، وهذا هو الصحيح.

"وفي الرقاب"، يعني: العبيد يشترون من مغلة هذا الوقف ويعتقون أو عبيد مكاتبون، والعبد المكاتب هو: الذي اشترى نفسه من سيده بثمن مؤجلٍ، فهنا نعطيهم من حق الرقاب ما يوفون به كتابتهم. إذن الرقاب يشمل العبيد والمكاتبين، العبيد بمعنى: أن نشتري عبيدًا فنعتهم، والمكاتبين هم: الذين اشتروا أنفسهم من سادتهم، فنعطيهم معونة تفي بدين الكتاب، ويدخل في ذلك فك الأسرى المسلمين من الكفار، يعني: لو أن الكفار أسروا أحدًا من المسلمين، وأعطيناه من هذا المال الذي تصدق به عمر لكان هذا صحيحًا كما نعطيهم من الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>