للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متمول مالاً يعني: لا يأكل يقصد التمول من الأصل، بمعنى لا يبيع شيئًا منها من أجل أن يتموله، وكذلك لا يطعم الصديق من أجل التمول، يعني: يقيد عليه بحساب إذا أطعمه كيلو عنب قيده عليه في هذه الحال يكون متمولاً، وهو اشترط ألا يكون متمولاً مالاً.

ثم قال: وفي رواية للبخاري: «تصدق بأصلها لا يباع ولا يوهب ولكن ينفق ثمره»، المراد بأصلها: أصل الأرض، ويشمل ما فيها من الأشجار والنخيل، يقول: "لا يباع ولا يوهب"، هذا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، والبيع هو: المعارضة يعني: يبدل بغيره على سبيل البيع، ولا يوهب، يعني: إعطائه تبرعًا بدون مقابل، ولكن ينفق ثمره، وإذا أنفق الثمر فإن المنفق عليه يتصرف فيه كما شاء لأنه ملكه، فالثمر إذن يملك ويباع ويوهب، ولكن الأصل لا يباع ولا يوهب يبقى ثابتًا محبسًا.

هذا الحديث فيه فوائد كثيرة:

أولاً: فيه دليل على أن خيبر ملكها المسلمون، وجه ذلك أن إثبات الوقفية دليل على ثبوت أصل لملك؛ لأنه لا يمكن أن يوقف أحد شيئًا لا يملكه.

ومن فوائده: استشارة أهل العلم والفضل فيما يقوم به الإنسان من تصرف؛ لأن عمر استشار النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مقيد فيما إذا خفي على الإنسان كيف يتصرف، وأما إذا كان وجه الصواب معلومًا ووجه المصلحة معلومًا فلا حاجة إلى الاستشارة؛ لأن الاستشارة للخلق كالاستخارة للخالق عز وجل والاستخارة لا تكون إلا في الأمر الذي ينبهم على المرء ولا يدري ما عاقبته ولا مصلحته؛ ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستخير الله في كل شيء، لكن هل تقدم الاستشارة على الاستخارة أو العكس؟ من العلماء من قال: استخر ثم استشر من أجل أن تكون الاستشارة إذا أشير عليك برأي صار هذا دليلاً على أن الله اختار لك هذا الرأي، ومنهم من قال: ابدأ بالاستشارة، والصحيح البدء بالاستخارة أولاً؛ لأنه إذا التبس الأمر عليك وأنت صاحب الشأن فإن غيرك سوف يكون مثلك ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستخارة إذا هم الإنسان بالأمر وأشكل عليه ولم يأمر بالاستشارة.

إذن في الحديث مشروعية استشارة أهل العلم والفضل.

ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث إنه لجأ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه من أثقب الناس رأيًا وأصحهم فهمًا حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن بك فيكم محدثون - يعني ملهمون - فعمر» وكان مشهورًا رضي الله عنه في إصابة الصواب ومع ذلك رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>