للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهم أن نأخذ من هذا الحديث: أن أصل الوقف مبني على البر على أن يكون طاعة الله، فإذا كان على إثم أو على شيء لا إثم فيه ولا بر فإنه لا يصح، إلا إذا كان على معين فإنه يصح فيما هو على بر وفيما ليس على بر ولا إثم، فلو وقف على بيت وهو غني فهذا صحيح؛ لأنه ليس على جهة عامة.

من فوائد الحديث: أنه لا يباع الوقف لقوله: "ولا يباع" كما قال الرسول صلى الله عليه، فلا يجوز بيع الوقف ولأننا لو أجزنا بيع الوقف لفات معنى التحبيس، لكن هل تجوز المناقلة به يعني: أنه لو وقف بيتًا هل يجوز أن يناقل فيبدله ببيت آخر؟ لا يجوز لأن المبادلة أو المناقلة بيع، البيع هو: مبادلة مال بمال. فإذن لو بدل هذا الوقف ببيت آخر فإنه لا يجوز، حتى ولو كان هو الواقف فلو أنه أوقف بستانه الشرقي لم بدا له أن ينقل الوقف إلى البستان الغربي فهذا لا يجوز؛ لأنه معاوضة وإن كان هو نفس الذي يعواض لكن ما دام أخرجه لله لا يرجع فيه إلا إذا دعت الضرورة إلى بيعه مثل أن تتعطل منافعه كمسجدٍ بناه لله وانتقل أهل الحي أو أهل البلدة كلهم، انتقلوا فهنا بيعه جائز لماذا؟ للضرورة لأن منافعة تعطلت وكذلك لو وقف بيتًا وانهدم البيت وليس له ما يعمره به ففي هذه الحال يجوز أن يبيعه للضرورة؛ لأن منافعة المقصودة بالوقف تعطلت، واختلف أهل العلم هل تجوز المناقلة به للمصلحة والمنفعة يعني: أن ينقله لما هو أنفع وأصلح؟ فمن أهل العلم من أجاز ذلك، ومنهم من منع ذلك قال: إن حديث عمر يقول: "لا يباع"، وليس فيه استثناء هذا دليل، قالوا: ولأننا لو أجزنا البيع للمصلحة أو المناقلة للمصلحة لحصل في ذلك تلاعب من ناظر الأوقاف، إذ كل واحد يتراءى له أن المصلحة في نقله ينقله فتمنع المناقلة سدًا للباب، كما فعل مالك رحمه الله حين استأذنه الرشيد الخليفة العباسي المعروف أن يهدم الكعبة ويردها على قواعد إبراهيم قال له: لا، لا تفعل، لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك، كلما جاء إنسان من الملوك قال: أغير فيه. مع أن المصلحة: إن عموم حديث عمر ليس فيه استثناء والتعليل سدًا للباب لئلا يتلاعب ناظر الأوقاف فيها، يكون كل واحد منهم يقول: المصلحة في هذا فيناقل، أما من أجاز المناقلة للمصلحة فاستدلوا بأدلة عامة وأدلة خاصة تصح أن يقاس عليها، أما الأدلة العامة فقالوا: إن الشارع ينظر دائمًا إلى المصلحة فيما كان أصلح فإن الشارع لا يمنع؛ لأن أصل الشريعة كلها مبني على المصالح وعلى تحصيلها، وتقليل المفاسد، فإذا كانت المصلحة متعينة فهو داخل في هذا الإطار العام للشريعة، أما

<<  <  ج: ص:  >  >>