ومن فوائد الحديث: فضيلة الصرف في هذه الجهات، أما الفقراء فظاهر، والقربى كذلك ظاهر؛ لأن الصرف في القربى من باب صلة الرحم وصلة الرحم من أفضل الأعمال حتى إن الله سبحانه وتعالى تكفل للرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها، وأما الرقاب فالفضل فيها ظاهر؛ لأن الشرع حث على العتق ورغب ورغب فيه، حتى إن من أعتق عبدًا من العبيد أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار ممن أعتقه، وهذا فضل عظيم، وأما سبيل الله فظاهر، الجهاد في سبيل الله ذروة الإسلام، ويشمل الجاهد بالقتال وبالعلم كل هذا داخل في سبيل الله، وأما ابن السبيل فالصرف فيهم ظاهر أيضًا ما هي الفائدة في الصرف في ابن السبيل؟ لأن ابن السبيل فالصرف فيهم ظاهر أيضًا ما هي الفائدة في الصرف في ابن السبيل؟ لأن ابن السبيل يكون منقطعًا ليس معه شيء يوصله إلى البلدة، انقطع به السفر فهو في ضرورة إلى ما يوصله إلى بلدة، وأما الضيف فالصرف فيه ظاهر؛ لأن الضيف مسافر نزل بك يحتاج إلى عناية؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه». وكثير من الناس قد يخجل من أنه يبقى في السوق من مر مد يده إليه وقال: أعطني فإذا نزل الضيف على ناظر الوقف الذي أوقفه عمر كفاه المؤونة، والعلماء اختلفوا في وجوب الضيافة في المدة التي فيها مطاعم وفنادق هل تجب أو لا تجب؟ فمن العلماء من قال: لا تجب لأن الضيف غير مضطر، ومنهم من قال: بل تجب وهو ظاهر النصوص أن الضيافة تجب إذا نزل بك الضيف وإن كان يوجب مطاعم أو فنادق، وقوله:«ولا يورث» فالمعنى: أن أصل الموقوف لا يورث أي: لا ينتقل بالإرث.
فيستفاد منه: انه لا يجري فيه الميراث؛ لأن الموقوف عليه يتلقى الوقف من الواقف، فإذا وقف شخص بيته على أولاده وكانوا ثلاثة ومات الرجل أو بقي حيًا، فإن أولاده يستحقون هذا البيت أثلاثًا، فإذا مات أحدهم عن أولاده فإن الولدين الباقيين يستحقان البيت أنصافًا فإذا مات أحدهما فإن البيت يستحقه الباقي وحده أما ورثة الأول وورثة الثاني فلا ينتقل إليهم نصيب آبائهم؛ لأن الوقف لا يورث، ولو قلنا: إنه يورث لكان الميت الأول إذا مات يستحق ورثته نصيبه فيشاركون أخويه، وكذلك الثاني لكن الوقف لا يورث، ولو قلنا: إنه يورث لكان الميت الأول إذا مات يستحق ورثته نصيبه فيشاركون أخويه، وكذلك الثاني لكن الوقف لا يورث ينتقل من الواقف رأسًا إلى الموقوف عليه إذن الوقف لا يورث.
ومن فوائد الحديث: بعد نظر عمر رضي الله عنه حيث جعل الوقف مشاعًا بين هؤلاء الأصناف الستة وهل هؤلاء الأصناف الستة، يعتبر المصرف جميعهم أو مجموعهم؟ يعني: هل هو المجموع أو الجميع؟ الجميع معناه: أننا نوزع الثمر على جميع الأصناف الستة، والمجوع أن يكون المصرف هؤلاء وإذا اقتصرنا على واحد جاز، فهل المراد أن يصرف للجميع أو للمجموع؟ نقول: لا شك أنه إذا لم يوجد بعضهم فإنه يتوفر الثمر للباقي؛ لأن الاشتراك هنا