اشتراك تزاحم، فإذا قدر أن الواقف ليس له قريب، أو لم يوجد ضيف فإن نصيب هذا المفقود يكون للموجود بلا إشكال، إذا وجد الجميع فهل يوزع الثمر بينهم أو يكتفي بواحد منهم؟ بناء على أن الصرف يكون في المجموع لا في الجميع هذا ينبني على الخلاف في أصناف الزكاة المذكورين في قوله:{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل}[التوبة: ٦٠]. فهؤلاء الأصناف الثمانية اختلف أهل العلم هل يجب استيعابهم أو لا؟ فمنهم من قال: يجب استيعابهم، وأن الزكاة تجزأ إلى ثمانية أسهم لكل واحدٍ سهم، ثم منهم أيضًا من قال: إن ما ذكر بصيغة الجمع يجب أن يعطى جمعًا فنعطي من الفقراء ثلاثةً والمساكين ثلاثةً والعاملين عليها ثلاثة والمؤلفة قلوبهم ثلاثةً وفي الرقاب ثلاثةً والغارمين ثلاثةً وفي سبيل الله ثلاثةً أو واحد ممكن، نقول: هذه ليس فيها جمع وابن السبيل واحد، لكن الصحيح أن آية الزكاة تصرف في المجموع أي: أن هؤلاء الثمانية جهة الاستحقاق وأنه لا يجب توزيع الزكاة على الثمانية؛ والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذًا إلى اليمن قال «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم». فاقتصر على صنف واحد فهل نقول: إن مثل هذا الذي ذكر عمر ينبني على الزكاة؟ نقول هذا هو الظاهر والفقهاء - رحمهم الله - ذكروا في هذه المسألة أنه إذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتساوي، وإن كان لا يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتساوي، وإن كان لا يمكن حصرهم جاز التفصيل والاقتصار على واحد منهم، فهنا لا يمكن حصر هؤلاء، فيجوز أن نقتصر على صنف واحد إلا إذا علمنا أن مراد الواقف التوزيع على الجهات فيجب اتباع ما أراده الواقف.
ومن فوائد الحديث: ثبوت أصل الولي في الوقف وأنه لابد أن يكون له ولي؛ لقوله:«لا جناح على من وليها» ولأنه لو لم يوجد ولي للوقف لضاع وتلف؛ ولأنه لو لم يوجد للوقف لضاع تنفيذه وصار ملعبة للناس. فإذن فلابد للوقف من ولي يليه ويسمى عند الفقهاء الناظر، ناظر الوقف، وولي الوصية يسمى وصياً، والمأذون له بالتصرف في حال الحياة يسمى وكيلاً، والمأذون له من قبل الشرع يسمى وليًا، فالولي من ولاه الشرع كولي اليتيم، وولي المرأة في النكاح الوصي من أوصى إليه بعد الموت كشخص قال: يفرق ثلثي في سبيل الله والوصي عليه فلان، والناظر من وكل إليه شأن الوقف، والوكيل من أذن له في التصرف في حال الحياة، كرجل قال الشخص: خذ هذا وبعه لي أخذ هذه الدراهم اشتر لي كذا وكذا، المهم أن هذا الحديث فيه الإشارة إلى أنه لابد للوقف من ولي، فمن الذي يليه؟ نقول: يليه من عينه الواقف فإذا عين الواقف شخصًا تعين، وليس لأحد أن يعترض عليه، وقد عين عمر رضي الله عنه على وقفه ابنته حفصة، ثم ذوي الرأي من أهلها، فإن لم يعين ناظرًا فمن الناظر؟ الموقوف عليهم إن