للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا محصورين مثل الذرية، إذا قال: وقف على أولادي أو ذريتي فهؤلاء معينون محصورون، فيكونون هم نظار، وعلى هذا فإذا كان الموقوف عليهم عشرة فيكون الناظرون عشرة؛ لأنهم محصورون، وإن كان الوقف على جهة أو على قوم غير محصورين فالناظر القاضي، مثال الذي على الجهة: أن يقول هذا وقف على المساجد، مثال الذي على قوم لا يحصرون هذا الوقف على الفقراء فالناظر هنا القاضي، الآن نبدأ أولاً بما عينه الواقف، فإن لم يعين فالموقوف عليهم إذا كانوا معينين محصورين فإن لم يكن كذلك- بأن كان الوقف على جهة أو على قوم غير محصورين- فالناظر هو القاضي.

ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للواقف أن يشترط للناظر شرطاً لقوله: «لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف» وهل يجوز أن يشترط في الناظر شرطاً بأن يقول: لا يتولى وقفي هذا إلا طالب علم؟ يجوز، إذا نقول: يجوز للوقف أن يشترط للناظر شرطاً، فإن لم يشترط له شرطاً فماذا نصنع؟ إذا قال الناظر: فلان على الوقف ولم يجعل له أجرة لا أجرة لا أكلاً بمعروف ولا جزءاً مشاعاً من الثمرة ولا شيئاً مقدراً في كل شهر لم يجعل شيئاً فهل للناظر أن يطلب شيئاً على نظره؟ الجواب: نعم، له أن يطلبه، له أن يقول: أنا لا أنظر على هذا الوقف إلا بأجرة إما كل شهر بكذا وإما بشيء مشاع من الثمرة كالربع والخمس والعشر وما أشبه ذلك، وإلا فالأكل، قال: أنا فقير إذا فرغت نفسي للنظر في هذا الوقف فأنا أشترط أن أنفق منه على نفسي وأهلي فلا بأس فإن أبى أهل الوقف وقالوا: لا نعطيك أجرة ولا سهماً مشاعاً ولا أكلاً بمعروف فله أن يرفض النظر، ولكن في هذه الحالة إذا تخلى يجب أن يبلغ القاضي ولا يتركه هكذا؛ لأن مستحقو الوقف ربما يتلاعبون به إذا لم يكن له ناظر، فلا بد أن يبلغ القاضي؛ لأن القاضي له النظر العام على مصالح المسلمين.

من فوائد الحديث: جواز الرجوع إلى العرف لقوله: "بالمعروف" وهذا في الأمور الجائزة كالنظر والوكالة وما أشبه ذلك لا شك في جوازه، لكن في الأمور اللازمة كالإجارة التي تكون عقداً ملزماً للطرفين، هل يجوز أن يرجع فيها إلى العرف؟ الصحيح الجواز، إذا استأجر شخصاً وقال: كم أجرتك؟ قال: مثل الناس، فالصواب أن هذا جائز ولا بأس به، وهل يتعدى ذلك إلى المعاوضة بالبيع بمعنى: أن يقول البائع أو المشتري: آخذه كما يبيع الناس هل يجوز؟ الصحيح أنه يجوز؛ لأن العرف مطرد، وأقرب إلى عدم الغبن، فبيع المساومة قد يكون فيه غبن، لكن بيع العرف بلا شك أقل غبنا من المساومة؛ لأن المساومة إذا جئت لصاحب الدكان وقلت: بع علي هذا الكتاب، فقال: الكتاب بكم؟ أنا غريب لا أعرف قيمة هذا الكتاب، فقلت: بعشرة وهو يساوي خمسة بالمكتبات، لكن من أجل أن الكتاب غال عندي ولا أعرف الثمن

<<  <  ج: ص:  >  >>