للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لبني إسرائيل: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَاب} [البقرة: ٨٥]. وهذا العقاب لا يصلح إلا للكافر، ويقال لهذا الإنسان من الناحية العقلية: إذا كنت تؤمن بالله ربًا في تنظيمه للعبادة، لزمك أن تؤمن به ربًا في تنظيمه للمعاملة بين الخلق، إذا قال لك: الله حرم الربا، تقول: لا أقبل الربا ثروة اقتصادية يُنمي الاقتصاد وينعش الحياة، ما نقبل هذا التحريم! هل هذا إيمان بالله ربًا؟ أبدا، إذا قال: حرم الله الزنا، قال: لا، الزنا إذا كان واحد فقير وشاب وعنده شهوة قوية دعوه يتمتع ويتلذذ، وبعد ذلك إذا أغناه الله يتزوج، نقول: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: ٣٢]. كيف تؤمن بالله وأنت تقول هذا الكلام، إذا حرم الله الميسر قال: لا، الإنسان ممكن أن يصبح غنيّا في لحظة، فتقول: أيضا ممكن يُمسي غنيًا ويصبح أفقر عباد الله، حرم الله الميسر كما حرم الخمر أنت تقبل أو لا تقبل؟ إذا قال: لا، هذا فيه تنمية اقتصادية، انظر للدول الغربية كيف اغتنت؟ ! نقول: هذا كفر ما رضيت بالله ربًا، ونقول لك: إن الدول الغربية تعاني من الطبقية طبقة غنية، وطبقة فقيرة، لا يوجد تكافل اجتماعي، لا يعرفون زكاة ولا صدقة، ولكنهم وحوش ترعى وتشبع، ولو مات غيرها جوعاً.

على كل حال أقول: إن فى هذا الحديث دليلاً على أن الشريعة نظمت المعاملة بين الخلق كما نظمت المعاملة بين الخالق، وأن العبد الحقيقي لله هو الذي يأخذ بتنظيم الله في كل شيء، ومن أخذ بتنظيم الله في العبادة دون المعاملة فإنه متبع لهواء لا لشرع الله.

ومن فوائد الحديث: أن الإنسان إذا وجد لقطة وجب عليه أن يعرف الأمور التي ذكرها الرسول (صلى الله عليه وسلم): العفاص والوكاء، لكن لم يقيد الرسول (صلى الله عليه وسلم) المعرفة، والمراد المعرفة: التي يتميز بها المعرف يعني: معرفة تامة باللون والشكل والنوع وكل شيء، كل ما فيه معرفة للعفاص والوكاء ولم يفصح السائل ولا النبي (صلى الله عليه وسلم).

مسألة: فى حكم التقاط اللقطة هل يلتقطها أو لا؟ هذه المسألة حسب النصوص الشرعية فى الأصل مباحة، يعنى: لا نقول لك: متى وجدت لقطة فخذها ولا نقول لك: متى وجدت لقطة فلا تأخذها، الأمر راجع إليك، مباح إلا أن العلماء يقولون: قد يجب الالتقاط، وقد يُستحب، وقد يحرم فقالوا: هو في الأصل مباح، لكن قد يجب، وقد يُستحب، وقد يحرم. يجب إذا كانت اللقطة في مكان لا تأمن أن يجدها شخص فيكتمها، لأن اللصوص أو أهل الطمع والشح كثيرون، فتخشى إن تركتها أن يعقبك عليها رجل يأكلها، فهنا يجب عليك أن تأخذها؛ لأن هذا فيه حفظ لمال أخيك، لا سيما إذا كنت تعلم صاحبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>