للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى يحرم؟ يحرم إذا كان لا يأمن نفسه عليها، كيف ذلك؟ نعم الإنسان يعرف أنه ذو طمع شديد، وأنه لو أخذها أكلها، لا يأمن نفسه هنا نقول: يحرم عليك أخذها، كذلك يحرم أن تأخذها إذا كانت في مكة إلا إن كنت تريد أن تنشدها دائمًا، يعني: اللقطة في مكة لا تؤخذ محترمة إلا الإنسان يريد أن ينشدها دائمًا، دليل ذلك قول النبي (صلى الله عليه وسلم): «لا تحل ساقطتها إلا لمنشدٍ»، يعني: إذا كنت تنشدها مدى الدهر، وهذا أمر لا يستطيعه الإنسان، ولهذا يتأكد على المسئولين في مكة أن يجعلوا طائفة من الأمناء تتلقى ما يُلقط في مكة من أجل أن تريح الناس، ويكون ذلك أقرب لحفظ الملتقطات، وفي الحرم المكي طائفة تتلقى هذا، فإذا وجدت شيئا في المسجد الحرام فاذهب به إلى هذه الطائفة، وتبرأ ذمتك، لأنه أحيانا يجد الإنسان في المسجد الحرام دراهم كثيرة، وأشياء ثمينة ومهمة، يجد حُلي، المهم أنه من فضل الله أنه يوجد في المسجد الحرام طائفة نصبتهم الدولة من أجل تلقي هذه الملتقطات، وهذا فيه راحة.

بقي علينا المستحب، يُستحب التقاط اللقطة إذا غلب على ظنه أنه يؤدي الواجب من التعريف وأن ذلك أحفظ من تركها، فهنا يُستحب أن يأخذها، لكن إذا كان يخشى أن تشق عليه وأن تصده عما هو أنفع وأهم فلا يأخذها.

ومن فوائد الحديث: وجوب تعريفها سنة لقوله: «ثم عرفها سنة»، وكيفية التعريف أن يطلب من يعرفها، فيقول: من ضاعت له الضائعة في المكان الفلاني، لكن لا يذكر جنسها ونوعها، وعددها وعفاصها ووكاءها، لأنه لو ذكرها كانت عُرضة لأن يأخذها كل واحد لكن يجعلها مبهمة ويُعين المكان والزمان.

الحديث لم يبين الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيه كيف التعريف، هل هو كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر؟ وإذا كان لم يبينه الرسول (صلى الله عليه وسلم) رجع في ذلك إلى العُرف، والعرف يقتضي أن تتابع التعريف أول ما تجدها، لأن صاحبها حينئذٍ يكون كثير الطلب لها، فتكثر التعريف. قال بعض العلماء: يكون التعريف في الأسبوع الأول كل يوم، ثم كل أسبوع مرة، إلى شهر، ثم كل شهر مرة، وعلى كل حال هذا اجتهاد ممن قدّره، والأعراف قد تختلف قد يكون هذا الإنسان وجدها في موسم يكثر الناس فيه، ولكنهم لا يأتون إلى هذا المكان إلا بعد أسبوع كما يوجد في بعض البلاد يجعلون التجارة موزعة يقول مثلا يوم السبت يجتمعون في البلد الفلاني، ويوم الاثنين في البلد الثاني، وهكذا، فهنا نقول: إذا كنت وجدتها في مكان الموسم فلا حاجة أن تعرفها كل يوم، تعرفها في مكان الموسم، وإذا جاء الأسبوع الثاني تعرفها، فمادام الأمر راجعا إلى العُرف فإننا لا نحدده، لكن التحديد الذي ذكره بعض العلماء، والذي ذكرته لكم هذا مقارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>