مسألة مهمة: كيف تكون وسائل التعريف؟ قال العلماء: يُعرف عند أبواب المساجدوليس في المسجد، يقول: من ضاع له الشيء الفلاني، لكن لو عرفها في نفس المسجد فإنه لا يجوز، قال بعض أهل العلم: يكره. أما من أنشد في المسجد، وقال: من عيّن لي اللقطة أو الضالة، فهنا نقول: لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تُبن لهذا، لكن لو أنه وجد مفاتيح وعلقها في قبلة المسجد هل يكون هذا تعريفا؟ نقول: إذا جرت العادة به فهو تعريف.
لكن إذا قال قائل: إذا علقناها في المسجد كل واحد يقول إنها لي؟ نقول: لا هذا غير صحيح الذي ليست له لا يستفيد منها شيئا، لكن لو وجد صرة دراهم وعلقها في قبلة المسجد لا يجوز؛ لأن كل واحد يقول لي، أما الشيء الذي تعلم أنه لن يدعيه إلا صاحبه، فهذا لا بأس أن يُعلق فى المسجد فيما يظهر، لا يُقال: إن المسجد لم يبن لهذا، لأننا نجيب عن
ذلك بأن هذه وجدت في المسجد وأقرب من يعرفها من يرتاد المسجد.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا جاء صاحب اللقطة في زمن التعريف وجب ردها إليه؛ لقوله:«فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها» لأن تقدير الكلام فإن جاء صاحبها فادفعها إليه، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «فإن جاء صاحبها» فمتى يثبت أنه صاحبها؟ قال بعض العلماء: لابد أن يأتي ببيتة، لعموم قول النبي (صلى الله عليه وسلم): والبينة على المدعي، وهذا المال مجهول صاحبه، فلابد أن يأتي المدعي بالبينة، فإن لم يأت ببينة فليس له فيها حق، هذا قول، قالوا: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يبين من صاحبها، فهو مطلق، والنصوص الأخرى تبين من صاحب المال، وهو المدعي إذا كان له بينة، وقال بعض أهل العلم: مَن وصفها وصفا يُطابق وصفها حين وجودها فهو صاحبها، لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) أطلق، وإذا جاءنا رجل يصفها وصفا مطابقا لوصفها حين وجودها فإن القرينة تدل على أنه صاحبها>
وأما الحديث:«البينة على المدعي» فهذا الحديث إنما يكون على من ادعى أن ما في يده له فيأتي إنسان ويدعيه، والدليل سياق الحديث:«لو يُعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن البينة على المدعى واليمين على من أنكر»، وواجد اللقطة هل يدعي أنها له؟ أبدا، لا يدعيها يقول: أسأل الله أن يأتي بصاحبها، فإذا جاء صاحبها ووصفها الوصف المطابق لوصفها حين وجودها فتعطى إياه، إذن القول الراجح في هذه المسألة أن صاحبها من وصفها وصفا لما هي عليه حين وجدانها.