للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فوائد الحديث: أنه بعد تمام الحول إذا لم يأت صاحبها تكون لواجدها؛ لقوله: «فشأنك بها»، فهذا يدل على ملكه إياها، إذ لا يملك الشأن المطلق بها إلا مَن كان مالكا، والشيء يعرف بالنص عليه أو لوجود لازمه، فهنا من لازم الملك أن يكون شأنه بها، وهل هذا الدخول دخول اختياري أو دخول قهري؟ يعني: هل لو شاء لم يتملكها لو قال: أنا لا أريد أن أتملكها؟ في هذا خلاف بين أهل العلم: المشهور من مذهبنا أنه ملك قهري بمعنى: أنه إذا تم الحول ولم يأت صاحبها، دخلت في ملكك قهرا شئت أم أبيت، كما أن الميت إذا مات وخلف ورثة، فإن المال مال الميت يدخل فى أملاكهم قهرا عليهم حتى لو قالوا: ما نريده، مثال ذلك: واحد مات له أب، الأب خلف عشرة ملايين، قيل للابن: بارك الله لك فيها، قال: لا أريدها! ماذا نقول له؟ نقول: دخلت في ملكك قهرا غصبًا عليك؛ لأن الله ملكك إياه في قوله: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: ١١]. لم يملكك المخلوق حتى نقول باختيار لك، الذي ملكك الله، فكذلك اللقطة ملكك إياها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إذن فهي دخلت في ملكك قهرا ليس لك خيار، ويكون ضمانها عليك عينا ومنفعة.

إذن نقول من الفوائد: أنه إذا تم الحول دخلت اللقطة في ملك الواجد قهرا عليه، يترتب على هذا لو كان الإنسان الذي وجدها مدينا وله غرماء يطالبونه ووجد عشرة آلاف ريال وعرفها إلى تمام السنة، فلم تُعرف، تمت السنة، أين مصير العشرة؟ تدخل في ملكه قهرا، فإذا جاء الغرماء يطلبونه قال: يا أيها الناس! ما عندي شيء قالوا: عندك عشرة آلاف ريال، قال: أنا لا أريدها ماذا يقولون؟ نحن نريدها هي دخلت في ملكك قهرا، وعلى هذا فيلزم أن يسدد الدين من هذه الدراهم التى وجدها.

ومن فوائد الحديث أنه لا يجب الإشهاد على اللقطة إذا وجدها لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يأمر بذلك في هذا الحديث، وإنما أمر بتعريف عفاصها ... إلخ.

ومن فوائد الحديث: أن التعريف لا يتقيد بيوم معين أو أسبوع معين بل يرجع في ذلك إلى العرف، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يقيدها، لكن بعض العلماء يقول: في الأسبوع الأول كل يوم، ثم كل أسبوع، ثم كل شهر، لكن المرجع في هذا إلى العرف كما مر.

ومن فوائد الحديث: أنه إذا كان يعرف صاحبها فإنه لا يحتاج إلى تعريف بل يسلمها إليه إما بحملها إليه أو بإخباره بها. يُؤخذ من قوله: «فإن جاء صاحبها»، لأن المعنى أن صاحبها عرفها فجاء فأدها إليه، فإذا كنت تعلم صاحبها من أول فلا حاجة إلى التعريف.

ومن فوائد الحديث: أن ظاهره أنه يعرف اللقطة مطلقًا قلت أم كثرت.

وقد يقول القائل: إن هذا ليس ظاهر الحديث، لأن قوله: «أعرف عفاصها ووكاءها» يدل

<<  <  ج: ص:  >  >>