المهم: أن قول ابن مسعود «لقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين»، فيه وصف المخطئ - ولو كان مجتهدا- بالضلال، إلا إن يقال: أن ابن مسعود أضاف الضلال إلى نفسه إن تابعه؛ لأنه عالم بالحكم، ولكن الاحتمال الأول أصح، أي: أن المخطئ يصح أن نقول إنه ضال وإن كان مخطأ، لكن لا يسوغ أن نقابله بذلك ونقول: إنك ضال، بل نقول بحسب ما تقتضيه الحال مثل أن نقول: تبين الأمر انظر في المسألة مرة أخرى، لأنك ربما إذا جابهته وقلت له: أنت ضال يحصل في هذا مفسدة كبيرة، لكن الإنسان العاقل يستطيع أن يبين الضلال للشخص بأسلوب مقنع مُرض.
قال: «لأقضين فيها بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأقسم (رضي الله عنه) بأن يقضي فيها بقضاء رسول الله فأقسم ولكننا ما نرى «والله» في كلامه؟ نقول: إنه مقدر، لأن اللام في «لأقضين»، واقعة في جواب القسم، والتقدير: والله لأقضين، ثم قال: وللابنة التصفية لتمام الشروط؛ لأن شرط إرث البنت النصف ألا يوجد معها معصب ولا مشارك، لا توجد بنت أخرى ولا يوجد ابن معصب، فيكون لها النصف، ودليل ذلك قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}[النساء: ١١]. هذه واحدة لها النصف، بنت الابن كيف يكون لها السدس؟ نقول لأن بنت الابن من البنات تنسب إلى جدها فيقال فاطمة بنت علي بن عبد الله إذن تنسب إلى جدها، فهي من البنات لكن لنزول درجتها عن البنت كان من الحكمة ألا تساويها في الميراث، بل تعطى السدس لأن البنت ميراثها النصف تام الشروط لم يبق من الثلثين إلا السدس فتعطاه بنت الابن.
فإن قال قائل: لماذا لم تفرضوا لها الثلث قلنا: لو فرضنا لها الثلث لزاد نصيب البنتين عن الثلثين والبنتان ليس لهما إلا الثلثان؛ ولهذا نقول في قسمة الميراث لبنت الابن السدس ولا نقف، بل نقول: تكملة الثلثين يجب أن نقول: تكملة الثلثين، يعني: لو قلت للبنت النصف ولبنت الابن السدس قلنا: هذا خطأ لابد أن تقول: تكملة الثلثين من أجل أن تشير إلى الحكمة في أنك لم تعطها إلا السدس، والحكمة أنك لو أعطيتها أكثر من السدس لزاد نصيب البنتين على الثلثين وهذا ممتنع، ولهذا تقول: لها السدس تكملة الثلثين، بقي أن يقال: الأخت لماذا لم ترث النصف؟ نقول: لا يمكن لوجود الفرع الوارث، وإذا وجد الفرع الوارث فإن الإخوة لا يرث الإناث منهم بالفرض؛ لأنهم كلالة لا يرثون إلا في الكلالة كما قال تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}[النساء: ١٧٦]. وفي مسألتنا له ولد وهي البنت وبنت الابن «وله أخت فلها نصف ما ترك» ففي هذا المثال ليس لها فرض بل لها تعصيب، فإن قال قائل: كيف تجعلون لها تعصيبا وهي أنثى وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): والحقوا الفرائض بأهلها ...