ومن فوائد الحديث: استحباب تقديم هذه الخطبة بين يدي الأمور الهامة لقوله: «التشهد بالحاجة»، وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب هذه الخطبة عند عقد النكاح، وقالوا: يجب عند عقد النكاح أن تُقرأ هذه الخطبة؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) عَلمهم إياها، وهذا يدل على اهتمامه بها ولكن الصحيح خلاف ذلك، وأن تلاوة هذه الخطبة سنة وليست بواجبة، بدليل أن النيي (صلى الله عليه وسلم) زوج الرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها للرسول (صلى الله عليه وسلم) ولم يقرأ هذه الخطبة بل قال: «زَّوَجْتُكَهَا بما معك من القرآن».
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات الحمد الكامل لله وأنه مختصر به ومستحق له؛ لقوله:«إن الحمد لله».
ومن فوائده: طلب المعونة والمغفرة من الله وحده؛ لقوله:«نستعينه ونستغفره».
فإن قال قائل: هل تجوز الاستعانة بغير الله؟
الجواب: نعم، إذا كان المستعان قادرا على ذلك، قال النيي (صلى الله عليه وسلم): «من استعانكم فأعينوه»، وقال:«والله في عون العبد ما كانَ العبد في عون أخيه»، وقال:«تعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع عليه متاعه صدقة»، فإن استعان بميت لا يجوز، لماذا؟ لأنه غير قادر، فإن اعتقد أن له تأثيرا سريا كان ذلك شركا أكبر، الاستغفار هل يُطلب من غير الله هل يصح أن تقول: يا فلان، اغفر لي؟ يصح أن تطلب منه المغفرة عن حقه الخاص، قال الله تعالى:{وإن تَعْفُوا وَتَصَفَحُواً وتَغْفِرُواً فإنَ الله غَفُور رَّحِيمٌ}[التغابن: ١٤]. أما أن تطلب المغفرة عن حق الله فهذا لا يمكن، قال تعالى:{وَمَن يَغْفِرُ الذّنوب إلا الله}[آل عمران: ١٣٥].
ومن فوائد الحديث: أن الاستعاذة تكون بالله: «نعوذ بالله من شرور أنفسنا»، هل الاستعاذة تكون بغير الله؟ تكون بغير الله فيما يقدر عليه، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لما ذكر ما ذكر من الفتن: «فَمن وجد مُعَاذًا فليُعذ به»، وقد وردت عدة أحاديث في إثبات الاستعاذة للمخلوق لكن يُشترط فيما يقدر عليه.
ومن فوائد الحديث: أن الله أرحم بنا من أنفسنا لقوله: «شرور أنفسنا»، فاستعذت بالله من نفسك، إذن فالله أرحم بنا من أنفسنا، وهذا له أدلة غير هذا، قال الله:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩]. فنهانا عن قتل أنفسنا؛ لأنه أرحم بنا من أنفسنا.