للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للقلة، يعني: ولو أقل القليل، يعني: لو كان خاتما من حديد تعطيها إياه فافعل وليس هذا على أساس الدُبلة كما يظنه الناس لا، المقصود ولو شيئا زهيدًا كالخاتم من حديد، «فرجع فَقَالَ: ولا خاتماً من حديد»، لأن الرجل فقير، «ولكن هذا إزاري»، وليس عليه رداء، إزار فقط ستر به عورته، وما نزل من جسده، قال سهلٌ: ماله رداء، قال: «هذا إزاري فلها نصفه، فَقَالَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ما تصنع بإزارك؟ »، حتى لو أعطيت المرأة نصفه مهرا ماذا تصنع هل تستفيد منه؟ لا، ولهذا قال: «إن لَبِسْته لم يكن عليها منه شيء، وإن لَبِسَتْه لم يكن عليك منه شيء»، إزار ولعله لية واحدة، لو كان ليّات ربما يُقسم لكنه لية واحدة، «فجلس الرجل ... » إلخ.

قوله: «ماذا معك من القرآن؟ » يعني: ما الذي معك من القرآن، وقوله: «اذهب فقد ملكتكها»، المعنى: انه ملكه ثم قال له: «اذهب فقد ملكتكها»، قال: «بما معك من القرآن»، الباء هنا اختلف العلماء -رحمهم الله- فيها فقال بعضهم: إنها سببية، وقال بعضهم: إنها عِوضية، والفرق بين القولين ظاهر، فإن قلنا: إنها سببية صار معنى الحديث: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل حفظه لهذه السور مهرا، ومعلوم أن هذا لا تنتفع به المرأة، وإن قلنا: إنها عوض صار المعنى: أنك تعلمها مما معك من القرآن، والأقرب الثاني، لأنه هُوَ الموافق لقوله تعالى: {أن تبّتغُوا بأمَولِكُم} [النساء: ٢٤]، وملك تنصب مفعولين الكاف والثاني هاء وهي من باب كسا، والفرق بين كسا وظن وبابها أن ظن وبابها تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، بمعنى: أنك لو جردت الجملة عن العامل لصار الباقي مبتدأ وخبر، تقول: «ظننت زيدا قائمًا» احذف العامل «زيد قائم»، لكن «كسوت عَمْراً جُبّة»، احذف الفعل «عمرو جبة»، فلا يصلح، «ملكتكها» احذف ملكت هل يصلح «أنت إياها؟ »، لا يصلح، قال: «ملكُتُكها»، ويجوز من حيث اللغة العربية أن يعبر فيقال: ملكتك إيّاها، «بما معك من القرآن» قلنا: إن الباء الراجح أنها للعوض، ويرجح هذا أمران: الأول: قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا} [النساء: ٢٤] فشرط الله لحل المرأة أن يكون ذلك بالمال.

والوجه الثاني: أن في بعض ألفاظ هذا الحديث: «فَعَلَمُها»، وهذا يدل على أن الباء للعوض وليست للسببية، وهنا قال: «بما معك من القرآن» هل هذا مجهول؟ الجواب: لا؛ لأنه قال في الأول: معي سورة كذا وكذا فبينها، واللفظ لمسلم.

وفي رواية: كما قال: «انطلق فقد زوجتکها، فعلِّمها من القرآن». وفي رواية للبخاري: «أمكناكها بما معك من القرآن»، يعني: جعلناك متمكنًا فيها بما معك من القرآن، وفي لفظ ثالث: «زُوّجُتُكها بما معك من القرآن»، فالألفاظ مختلفة، وهذا الاختلاف لو ادَّعى مدعً أنه اضطراب يُوجب ضعف الحديث فهل نسلم له ذلك؟ لا، لماذا؟ لأن الألفاظ هنا لا تتعارض، والمضطرب

<<  <  ج: ص:  >  >>