للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القسم الثالث: أن يزوجها ويسكت فيقول: زوجتك ابنتي، فيقول: قبلت، ولا يذكرون

المهر، فهنا يصح النكاح أيضا بالاتفاق ويكون لها مهر المثل. القسم الرابع: أن يتزوجها ويشترط الزوج أن لا مهر عليه، فيقول: أنا قبلت النكاح لكن بشرط أن لا مهر علي، فما الحكم؟ في هذه المسألة قولان:

الأول: أن النكاح غير صحيح؛ لأن الله اشترط للحل المال قال: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم} [النساء: ٢٤] وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله)، وعلى هذا فلا نكاح في هذه الحال، ويكون هذا الذي عقد له خاطبًا من الخطاب إن خطب من جديد ورضينا أن نزوجه زوجناه وبالمهر.

القول الثاني: أن النكاح صحيح ويجب لها مهر المِثل قياسًا على ما إذا زوجه ولم يسم مهرا، ولكن هذا القياس قياس مع الفارق؛ وذلك لأن المتزوجة بدون تسمية مهر قد دل القرآن والسنة على صحة نكاحها، فقال الله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء} [البقرة: ٢٣٦].

ومن المعلوم أن الطلاق لا يكون إلا بعد صحة العقد، وهذه الآية صريحة في أن الإنسان يطلق زوجته بدون أن يُسمّي لها مهرا، وأما السُنة فحديث ابن مسعود في المرأة يتزوجها الرجل ولم يُسم لها مهرا ثم يموت قال: لها مهر المثل، فقام رجل فقال: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضى بمثل ذلك، هذا لا يصح أن يُقاس عليه ما إذا زوجها وشرط أن لا مهر؛ لأنه إذا شرط أن لا مهر فهو مُخالف تمامًا لظاهر القرآن وهو قوله تعالى: (وأحلَ لَكُمْ مَا وَراء ذلكم أن تَبْتَغُوا بأموالكم} [النساء: ٢٤]، فالقول الصحيح ما ذهب إليه شيخ الإسلام، وأيضا إذا تزوجها بشرط أن لا مهر عليه فهذه حقيقة الهبة، وقد قال الله تعالى في الهبة إنها خاصة بالرسول (صلى الله عليه وسلم).

ومن فوائد الحديث: جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته؛ لقوله: «فصعُد فيها النظر»، فإن قيل: إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يخطب، قلنا: هذا أولى من الخاطب أن تأتي المرأة تعرض نفسها على الرجل، فإذا جاز للخاطب أن ينظر فالمطلوب المخطوب من باب أولى.

ومن فوائد الحديث: جواز تكرار النظر من الخاطب للمخطوبة لقوله: «فصعّد وصوّب»، وهو كذلك، فلا حرج للخاطب أن يكرر النظر لمخطوبته، ولكن سبق لنا أنه لابد من شروط، ولأن النظرة الأولى أو الواحدة قد لا تُعطي الإنسان تصورا كاملاً عن المرأة. ومن فوائد الحديث: أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) صعد فيها النظر وصوبه، وأشد ما يرغب الرجل إليه من المخطوبة هو الوجه، وعلى هذا فيكون في الحديث دليل على جواز كشف المرأة وجهها عند الرجال الأجانب، هكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>