للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولاسيما النشء الجديد تجده إذا علم مسألة بدليلها يحكم مباشرة دون أن ينظر إلى بقية الأدلة، وهذا نقص، لأن الأدلة الشرعية كتلة واحدة لا تتجزأ لابد أن يكون عند الإنسان إلمام، ومن المعلوم أنه لا يمكن أن يُلم بكل دليل لكن لابل أن يكون عنده شيء.

ومن فوائد الحديث: جواز القسم بدون طلبه لقوله: «لا والله يا رسول الله»، مع أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يطلب منه أن يقسم، لكن المقام يستدعي التوكيد، فلذلك أقسم الرجل.

ومن فوائده: جواز مخاطبة الكبير للشرف بـ «لا» من قوله: «لا»، وله شواهد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لجابر بن عبل الله: «بعنيه» أي: الجمل، فقال: «لا»، عند الناس الآن يستعيبون أن يقولوا كلمة «لا» لذي الشرف والسيادة، يقولون: (مالك لدي) بدلاً من «لا»، ولكن ما دام الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أكمل منا أدبًا يُخاطبون الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو أعظم الناس سؤددًا وشرفا بكلمة «لا» فلا ينبغي أن ندعها ونقول: إن غيرها أفضل منها.

ومن فوائد الحديث: حكمة النبي (صلى الله عليه وسلم) حيث قال له: «اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا؟ »؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) إنما قال ذلك لاحتمال أن يكون هذا الرجل في بيته شيء لم يعلم به، وهذا يقع كثيرا يكون في بيتك شيء وتنفيه وهو موجود إما نسيانا وإما لأنك لا تعلم به، إذن نأخذ منه: حكمة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في معاملة الصحابة.

ومن فوائد الحديث: كمال أدب الصحابة أيضا مع الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فإن الرجل لما قال له: «اذهب فانظر هل تجد شيئا؟ »، ذهب مع أنه في الأول يقول: «لا والله ما عندي شيء»، ومع ذلك ذهب، وهذا الذهاب يحتمل أنه امتثال لأمر النبي (صلى الله عليه وسلم)، ويُحتمل أن الرجل قدّر في نفسه لعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) بلغه أن في البيت شيئا لم يعلمه عن طريق، الوحي ولهذا ذهب الرجل، على كل حال: يدل على كمال أدبه، لأنه ذهب بدون أن يستفهم.

ومن فوائد الحديث: جواز لبس خاتم الحديد لقوله: «انظر ولو خاتماً من حديد» لأن المقصود من الخاتم أن يلبس وإلا ما الفائدة، قد يقول قائل يُباع يبيعه على من يلبسه، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من قال: إنه لا يجوز لبس خاتم الحديد، واستدلوا بحديث لكنه ضعيف أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: «إنه حلية أهل النار»، وهذا يدل على الذم، ولكن الصحيح أنه جائز لهذا الحديث الثابت في الصحيحين وهو أقوى من قوله: «إنه حلية أهل النار» على أن حديث: «إنه حلية أهل النار» يُحتمل أن المعنى: أن المشركين في ذلك الوقت كانوا يتحلون به

<<  <  ج: ص:  >  >>