الوجه الثاني: أنه لو جاز هذا لكان سببًا لإضاعة الأمانة؛ لأن الرجل ربما يزوج ابنته من ليس بكفء؛ لأنه سيزوجه ابنته فيغير الأمانة.
ثالثًا: أنه قد يؤدي إلى إكراه المرأة على الزواج؛ لأن الولي يريد أن يصل إلى غرضه وغايته
فلا يهمه رضيت أم كرهت.
الرابع: أنه يكون في الغالب سببًا للنزاع والخصومات التي لا تنتهي؛ لأن إحدى المرأتين لو فسدت على زوجها حاول زوجها أن يفسد موليته على الزوج، وهذا يقع كثيرا إذا رغبت الزوجة على زوجها مباشرة ذهب إلى ابنته عند زوجها ويفسدها عليه وهذا مُشاهد ومُجرب، فهذه أربع مفاسد كلها تدل على أن نكاح الشغار باطل لا يقره الإسلام، ولكن الحديث يدل على أنه لا يكون شغارا إلا بشرطين:
الأول: أن يكون نكاحًا مشترطًا في نكاح الأولى لقوله: «على أن يزوجه».
الثاني: ألا يكون بينهما صداق لا قليل ولا كثير، فلننظر إلى مفهوم هذين الشرطين إذا زوجه ابنته ثم زوّجه الأخر بعد ذلك ابنته بدون شرط فهذا ليس بشغار وصحيح ولا فيه إشكال، ولكن هل يجب المهر لكل واحدة أو لا؟ نعم يجب مهر المثل لكل واحدة ما دام لم يسم فإن الواجب مهر المثل.
مسألة أخرى: لو زوجّه ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وجعلا صدّاقًا لكل واحدة فليس بشغار، وظاهر الحديث أنه يصح ولو بأدنى صداق، وأدنى الصداق ما يصح عقد البيع عليه (شيء بربع ريال) هل يصح عقد البيع عليه؟ نعم، «التمس ولو خاتماً من حديد»، ولكن هذا ليس بمراد؛ يعنى: حتّى وإن كان هذا ظاهر الحديث فليس بمراد، وذلك بمقتضى قواعد الشريعة، لأنه إذا أعطاه درهمًا واحد فهل هُوَ جعل للمرأة مهرها الحقيقي أو صار مهرها هذا الدرهم والبضع؟ الثاني، بل البضع أكثر بكثير من الدرهم، ولهذا لابد أن نقيد بأن يكون الصداق صداق المثل، فأما إذا كان دون ذلك فإنه لا يصح؛ لأنه إذا كان دون ذلك صار بضع إحداهما جزءًا من الصداق والبضع ليس بمال، فلابد أن يقيد بأن يكون مهر المثل، وإذا كانت إحدى البنتين بكرا شابة والبنت الأخرى ثيبا عجوزاً يختلف المهر وليكن كذلك لا بأس أن الذي تزوج عجوزا ثيبا يبذل مهرا يكون لمثلها، والثاني يبذل مهرا يكون لمثلها، المهم: أن يكون مهر المثل.
هناك أيضا شرط ثانٍ لابد منه وهو رضا البنتين، وهذا يؤخذ مما سبق من الأدلة أنه لابد من رضا الزوجين في النكاح وإلا لم يصح النكاح.
لابد من شرط ثالث أيضا وهو أن يكون كل منهما كفؤا للمرأة، فإن كان غير كفء فإنه لا