فأنت طالق يريد الطلاق فعلته ناسية فما الحكم؟ لا طلاق عليها أو قال إن فعلت كذا فأنت طالق ولكنها لم تعلم أنه قال هذا القول ففعلت فلا طلاق عليها أو قال إن دخلت البيت على فلان فأنت طالق فظنت أنه يريد إن دخلت البيت عليه في الليل لا في النهار فدخلت في النهار لم تطلق لأنها جاهلة متأوله وهذا القول الذي جاء المؤلف بهذا الحديث ليشير إليه هو القول الراجح أن الطلاق يعذر فيه بالجهل والنسيان كغيره والمشهور من المذهب أنه لا عذر فيه بجهل ولا نسيان متى وجد الشرط على أي حال ثبت الطلاق أما الإكراه فنعم يرون أن الرجل إذا أكره على الطلاق منه وقد ذكرنا من قبل قصة وقعت في عهد عمر أن رجلًا نزل من الجبل ليشري عسلًا، يعني: يجني عسلًا فأمسكت امرأته بالحبل وقالت: إما أن تطلقني ثلاثًا أو أطلقت الحبل فماذا يصنع؟ طلقها ثلاثًا فبلغ ذلك عمر فقال: هي امرأته لأن الرجل مكره.
ومن الإكراه أن تقول المرأة للزوج وقد وقع هذا- تأتي بالسكين وتقول إما أن تطلقني أو أقتل نفسي هذا أيضًا إكراه لأنه لا أحد يريد أن تذبح زوجته نفسها فإذا طلق بناء على هذا فلا طلاق ومن ذلك أن يأتي ظالم فيكرهه على أن يطلق زوجته فيفعل فلا طلاق، وأما الطلاق خوفًا من الغصب فليس بطلاق مكره، بعض الناس مثلًا يأتيه بنو عمه ولاسيما في البادية يقولون هذه المرأة ليست من أكفانك ولا تصلح لك نحن بنو فلان وهذه من بني فلان فيلزمون عليه فيطلق فهذا ليس بإكراه لأنه بإمكانه أن يقول: لا إلا إذا هددوه بالقتل لها أو له أو فعل معه ما يضره فحينئذ يكون مكرهًا.
يستفاد من هذا الحديث: أولًا: بيان رحمة الله تعالى بهذه الأمة حيث وضع عنها الآصال والأغلال التي من جملتها أنه لا حكم لما فعلته جاهلة أو ناسية أو مكرهة.
ومن فوائد الحديث: إثبات الحكم المطلق لله لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع" ولا يمكن لأحد أن يضع عن الخلق شيء من الأفعال إلا الله وحده أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: عموم رحمة الله وفضله على هذه الأمة حيث لم يؤاخذها بما فعلت جاهلة أو ناسية أو مكرهة.
ومن فوائد الحديث: أن من طلق ناسيًا أو جاهلًا أو مكرهًا فلا طلاق عليه لأن الحديث عام والطلاق يدخل في هذا العموم.