للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الصحيح، سواء ابتدأ الصوم من أول ليلة من الهلال أو في أثناء الشهر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الشهر تسعة وعشرون" وقال: الشهر هكذا وهكذا مرة ثلاثون ومرة قبض إبهامه أي أنه يكون تسعة وعشرين وهذا هو الواقع، فإذا كان ذلك فكيف نلزمه بستين يومًا مع احتمال أن يكون أحد الشهرين تسعة وعشرين، أو الشهران جميعًا، وعلى هذا فالمعتبر الأهلَّة ولو نقصت عن ستين يومًا سواء ابتدأ من أول الشهر أو في أثنائه، فإذا ابتدأ في اليوم الخامس عشر من محرم مثلًا فمتى ينتهي؟ في اليوم الرابع عشر من ربيع الأول، لا نقول: صم ستين يومًا قد يرى هلال صفر ويكون تسعة وعشرين يومًا، وكذلك المحرم فلا يهمنا، المهم أن يصوم شهرين متتابعين. السؤال الثاني: هل إذا حصل عذر يبيح الفطر كالمرض والسفر هل يقطع التتابع؟ الصحيح ألا يقطعه؛ لأنه إذا كان يباح للإنسان أن يفطر يومًا من رمضان للعذر فكيف لا يفطر بما وجب التتابع فيه، وعلى هذا فلو سافر الإنسان في أثناء الشهرين وأفطر مدة سفره فإنه يبني على ما مضى، فلو صام شهرًا ثم سافر عشرة أيام ثم عاد إلى بلده يصوم شهرًا ثانيًا فقط؛ لأن هذا عذر، لكن لو سافر ليفطر حرم السفر وحرم الفطر؛ يعني: فيلزم بأن يصوم، فإن أفطر انقطع التتابع؛ وذلك لأنه إذا نوى بالسفر التحايل على إسقاط الواجب فإنه لا يسقط، الواجبات لا تسقط بالتحايل عليها والمحرمات لا تحل بالتحايل عليها.

ومن فوائد الحديث: صراحة الصحابة- رضي الله عنهم-؛ لأنهم لا يستحيون من الحق؛ لقوله: "وهل أصبت ... إلخ".

ومن فوائده: أن الواجب إطعام ستين مسكينًا لإطعام ستين مسكينًا فبينهما فرق، إذا قلنا: إطعام ستين مسكينًا فلابد من هذا العدد، وإذا قلنا طعام ستين مسكينًا فإنه يجوز أن تعطيه واحدًا، إذا كان طعام ستين مسكينًا فالواجب إطعام ستين مسكينًا، ولكن هل الإطعام مقدر أو غير مقدر؟ الصحيح أنه غير مقدر. وسؤال آخر: هل يعتبر فيه التمليك أو لا يعتبر؟ الصحيح: أنه لا يعتبر فيه التمليك؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- أطلق قال: {فمن لَّم يستطع فإطعام ستين مسكينًا} [المجادلة: ٤]، وقال في كفارة اليمين: {فكفَّارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم} [المائدة: ٨٩]. فأطلق الله الإطعام، وعلى هذا فنقول: الواجب الإطعام أن تطعم ستين مسكينًا لا أن تملك الستين مسكينًا فلو غدَّى المساكين أو عشاهم فإنه يجزئه؛ لأنه يصدق عليه أنه أطعم ستين مسكينًا، أما ما قدره الشرع فإنه لا بد فيه من التمليك، ولابد فيه من التقدير الذي قدره الشرع، مثاله: صدقة الفطر، وفدية الأذى قال الله تعالى: {فمن كان منكم مريضًا أو به أذىً من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسكٍ} [البقرة: ١٩٦]. ما قال: أو إطعام، بل قال: {صدقةٍ}، والصدقة

<<  <  ج: ص:  >  >>