تمسوهن"، ولكنه قد ورد عن الصحابة والخلفاء الراشدين أن الخلوة تقرر المهر، فتكون الحجة قول الخلفاء الراشدين.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا اجتمعت علتان موجبتان للحكم كان ثبوت الحكم بهما أقوى من العلة الواحدة؛ لقوله: "وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها"؛ لأنه إذا كان لا يستحق إرجاع المهر وهو صادق، فعدم إرجاعه عليه وهو كاذب من باب أولى؛ لأنه بهتها وكذب عليها.
١٠٥٧ - وعن أنس رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أبصروها، فإن جاءت به أبيض سبطًا فهو لزوجها، وإن جاءت به أكحل جعدًا، فهو للَّذي رماها به". متَّفقٌ عليه.
"أبصروها" يعني: انظروها ماذا يكون من الولد الذي يأتي من هذه المرأة التي حملت، وقوله: "سبطًا"، السبط هو الكامل من الأطفال، وهو الذي يولد كاملًا، أما السبط فهو الشعر اللين وضده الشَّعر الجعد، والذي عندنا بسكون الباء، وقد فسره الشارح بأنه: الكامل في الخلقة، يعني: أتت بالولد كاملًا ليس فيه نقص، يقول: "جاءت به أبيض" هذا في اللون، "سبطًا" في الخلقة "فهو لزوجها"، وذلك لأن الزوج كذلك أبيض كامل الخلقة مكتملًا، والغالب أن الجنين يأتي مشبهًا لأبيه. "وإن جاءت به أكحل جعدًا فهو للذي رماها به"، "أكحل" يعني: أنه شديد سواد منابت الجفن، وهو خلقةٌ يكون فيها أصول شعر الجفن سوداء فترى العين وكأنها مكحولة، وقوله: "جعدًا" هو سبطًا، فإذا قلنا: إن سبطًا بمعنى متكامل الخلقة يكون الجعد فيه نقص هزيل ضعيف، وجاءت به على النعت المكروه ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم عليها الحد؛ لأن البينة كملت باللعان وانتهت العلاقة بينها وبين الزوج فلم يقم الحد عليها.
في هذا الحديث: دليل على مشروعية التحقق في الأمر لقوله: "أبصروها".
وفيه أيضًا من الفوائد: العمل بالشبه؛ لقوله: "جاءت به ... إلخ"، وقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم بالشبه وجعله محاصرًا للنسب ومزاحمًا له، وذلك في قصة عبد بن زمعة مع منازعته سعد بن أبي وقاص في الغلام الذي قال سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، إن هذا لأخي عتبة بن أبي وقاص عهد به إلىَّ وكان من وليدة زمعة، وزمعة اسم رجل، فقال عبد بن زمعة: يا رسول الله، هذا لأبي ولد على فراشي، فكيف يكون لعتبة بن أبي وقاص؟ فقال سعد: يا رسول الله أنظر إلى