شبهه فنظر إليه هو شبيه بعتبة بن أبي وقاص، ثم قال:"الولد للفراش وللعاهر الحجر"، وألحقه بزمعة، وقال:"هو لك يا عبد بن زمعة" ثم قال لسودة بنت زمعة: "احتجبي منه" مع أنه حكم بأنه أخوها شرعًا يرثها وترثه ويصلها وتصله وقال: "احتجبي عنه" فانتزع هذا الحكم من أحكام النسب من أجل الشبه البين بعتبة فالعمل بالقرائن أمر ثابت في شريعتنا وهي شريعة من قبلنا.
في شريعة من قبلنا قصة يوسف فإن الحاكم الذي حكم قال: {إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكذابين (٢٦) وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين (٢٧) فلما رءا قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم} [يوسف: ٢٦ - ٢٨]. وفي قصة سليمان مع المرأتين اللتين أكل ابن إحداهما الذئب فطلب سكينًا يشق الباقي من الولدين نصفين، أما الكبرى فوافقت وأما الصغرى فأبت، فقضى به للصغرى بالقرينة وهي الشفقة والرحمة، المهم أن القرائن يعمل بها ولكن هل القرائن تغير الأحكام الشرعية؟ الجواب: لا، لكن يعمل بها عند فقد الحكم الشرعي، فمثلًا لو جاءنا مدع ومدعي عليه وكان بيد المدعى عليه آلة حدادة وهو من الحدادين، وكان عند المدعي بينة أن هذه الآلة له، فهنا قرينة وهنا شرعية بأيهما نعمل؟ بالبينة، فالقرائن عند عدم وجود البينات لا شك أن لها أثرها، فإن قال قائل: لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإبصارها حتى ينظر ولدها أليس الستر أولى؟ الجواب أن يقال: نعم الستر أولى لكن هنا تعلق حق طرف آخر وهو الزوج وذلك من أجل أن يظهر للناس أن الزوج أصدق منها إن جاءت به على النعت المكروه أو أنها هي أصدق منه إن جاءت به على الوصف المطلوب، وإلا فلا شك أن الستر أولى، لكن لما تعلق الغير أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل ويبحث.
١٠٥٨ - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنها:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلًا أن يضع يده عند الخامسة على فيه، وقال: إنَّها موجبةٌ". رواه أبو داود والنَّسائيُّ، ورجاله ثقاتٌ.
قوله:"أمر رجلًا يضع يده"، الرجل هذا لا نعلمه، وليس من الضروري أن يعلم؛ لأنه لا يختلف به الحكم سواء علم أم لم يعلم، المهم أنه أمر هذا الرجل أن يضع يده عند الخامسة على فيه، أي على في الزوج لعله يمسك، وقال:"إنها موجبة"، "إنها" أي: الخامسة، "موجبة" لأي شيء؟ قيل: إنها موجبة للعنة؛ لأنه سيقول وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وقيل موجبة للحد على المرأة لقوله تعالى:{ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهدات بالله} فثبوت