العذاب عليها ثبت بشهادة الزوج، لكن الأقرب- والله أعلم- أن الحديث عام، لأنه صالح للمعنيين لوجوب اللعنة على من دعا على نفسه بها، وكذلك وجوب الحد على المرأة يعني كأنه قال، إنك إن فعلت فستحد المرأة إلا أنه يرد على هذا يعارض هذا أنه لو شاءت المرأة لرفعت الحد فلا يكون قوله موجبًا، لكنه سبب للإيجاب، لأنه قد يعارض بمانع وهو أن المرأة تلاعن وينتفي عنها الحد وعليه فيكون المقطوع به أن كلمة "موجبة" يعني: موجبة للعن، أما كونها موجبة للحد ففيها احتمال.
يستفاد من هذا الحديث: جواز التوكيل بما يتعلق بالحدود؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الرجل أن يضع يده على فيه عند الخامسة، وهذا شيء ثابت، وقد مر علينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أنيس أن يغدو إلى امرأة الرجل فإذا اعترفت رجمها.
ومن فوائد الحديث: مشروعية وضع اليد على فيَّ الزوج عند الخامسة لعله يتراجع؛ لأنه إذا رجع فسوف يقام عليه حد القذف وهو أهون من عذاب الآخرة.
ومن فوائد الحديث: أن من دعا على نفسه بما يعلم أنه كاذب فيه فإنه جدير بأن يحق عليه هذا الدعاء لقوله: "إنها موجبة"، فليحذر الإنسان من هذه المسألة التي قد يتهاون بها بعض الناس، فيقول: هو يهودي إن كان قال كذا هو نصراني، إن كان قال كذا وهو يعلم أنه قاله؛ لأن هذا ربما يعاقب فينسلخ من دين الإسلام بناء على الحلف.
١٠٥٩ - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه- في قصة المتلاعنين- قال:"فلمَّا فرغا من تلاعنهما قال: كذبت عليها يا رسول الله، إن أمسكتها، فطلَّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم". متَّفقٌ عليه.
إذا انتهى اللعان بين الزوجين ثبتت الفرقة، وهي بينونة الطلاق الثلاث؛ فإنها تحل بعد الزواج، نقول: إذا انتهى اللعان ثبتت الفرقة بتفريق الحاكم أو بمجرد انتهاء اللعان؟ الصحيح أنه بمجرد انتهاء اللعان تثبت الفرقة، يعني: إذا لاعن الزوج ثم لاعنت الزوجة ثبتت الفرقة بينهما، فطلاقهما ثلاثًا إنما هو من باب توكيد هذه الفرقة وليس طلاقًا واقعًا على محل؛ لأن الزوجة قد بانت منه، وعلى هذا فلا يكون في الحديث دليل على جواز طلاق الثلاث جملة واحدة كما استدل به بعضهم وسيأتي تقرير ذلك- إن شاء الله تعالى.
فيؤخذ من هذا الحديث: أن طلاق الثلاث بعد اللعان جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الزوج على هذا ولم ينكر عليه ولو كان محرمًا لأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا استدل به بعض العلماء،