وقال: إن الرجل إذا قال لزوجته: أنت طالق ثلاثًا، أو قال: أنت طالق أنت طالق؛ فإنه حلال.
ووجه الاستدلال من هذا الحديث: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للزوج على ذلك، ولكن الصحيح خلاف هذا القول، وأن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة أو بكلمات متعاقبات حرام؛ لأنه ثبت من حديث محمود بن لبيد أن رجلًا طلق زوجته ثلاثًا بكلمات أو بكلمة فقام النبي صلى الله عليه وسلم غضبان وخطب الناس وقال:"أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ ! "، وهذا إنكار بيَّن واضح، ويدل لذلك أيضًا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى الناس قد تتايعوا في هذا الأمر وكثر فيهم الطلاق الثلاث ألزمهم به فقال: إن الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وهذا يدل على أنه حرام، وإلا لما عاقبه عمر على ذلك.
فإذا قال قائلٌ: إذن ما الجواب عن هذا الحديث؟
قلنا الجواب: ما قال العلماء الآخرون الذين قالوا بالتحريم وهو أن هذا الطلاق إنما هو من باب توكيد البينونة فقط وإلا فإنه طلاق وارد على غير مورده؛ لأن المرأة بمجرد تمام اللعان وهذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يحل طلاق الثلاث بكلمة واحدة أو بكلمات بدون رجعة.
مسألة: هل يلحق الولد الزاني أو يلحق الزوج هذا الحديث الذي مر علينا؟ حديث أنس قد يدل على أنه إذا جاء مشبهًا للأب- أي: الزوج- فهو أبوه، وإن جاء مشبهًا للزاني فهو له لكن أكثر العلماء لا يرون أن الولد ينتفي عن أبيه ولا يلتحق بالزاني لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"الولد للفراش وللعاهر الحجر"، الفراش انتفى الآن بقي نصيب العاهر وهو الزاني الحجر، ولهذا كان يدعى لأمه لا يدعي للزاني.
ولكن العلماء اختلفوا فيما لو زنى رجل بامرأة ليست فراشًا ثم أراد أن يستلحقه فهل يلحقه به أم لا؟ أكثر العلماء يقولون: لا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "وللعاهر الحجر"، وقال بعض العلماء: إذا استلحقه وليس له معارض فإنه يلحقه؛ لأنه ولده كونًا، وليس هناك ما يمنع إلحاقه به شرعًا، بخلاف ما لو تنازع الزوج والزاني فهنا يكون الولد للفراش للزوج.
ثم هاهنا مسألة: هل ينتفي الولد باللعان بدون نفيه أو لا بد من نفيه؟ الجمهور على أنه لا بد من نفيه والصحيح أنه يصح نفيه ولو كان حملًا قبل أن يوضع، ولكن على هذا الرأي إذا