ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يحكم بالاجتهاد وليس كل ما يحكم به يكون وحيًا؛ بدليل أنه أذن لها في الأول أن تخرج من البيت ثم بعد ذلك ناداها وقال "امكثي في بيتك" وحكم النبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: أن يكون باجتهاد منه فحينئذٍ يكون من وحي الله لكن ليس الوحى المباشر بل هو من وحيه باعتبار أن الله أقره وإقرار الله له رضًا به.
والقسم الثاني: أن يكون بوحي خاص يوحى إليه به إما أن ينزل القرآن بذلك، وإما أن يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحيًا عن طريق جبريل به دون أن يكون قرآنا فمن الأول ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عنه كثيرًا: يسألونك عن كذا، يسألونك عن كذا، فيأتي القرآن مجيبًا له، ومن الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشهادة تكفر كل شيء ثم قال إلا الدَّين أخبرني بذلك جبريل آنفا، فعلى هذا تكون الأحكام الصادرة من الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما حكم به فأقره الله.
والقسم الثاني: ما توقف فيه حتى يأتيه القرآن.
والقسم الثالث: ما تقدم له حكم به ثم يأتيه الوحي أحيانًا عن طريق جبريل لتقييده أو استثنائه منه أو ما أشبه ذلك ومن هذا- أي: مما ينبهه الله عليه- قوله تعالى:{عفا الله عنك لم استثنائه أذنت لهم ... } فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن للمتخلفين عن الغزو دون أن يستثبت في أمرهم ثم قال الله له: {عفا الله عنك ... }.
ومن فوائد الحديث: قبول قول المرأة في الأحكام الشرعية؛ لأن فريعة حدَّثت به فقضى به عثمان رضي الله عنه وهو أحد الخلفاء الراشدين فدل هذا على قبول قول المرأة في الأحكام الدينية، كالأحاديث والفتيا أما الأموال فقد ذكر الله عز وجل أنه إن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء.
ومن فوائد الحديث: أنه يجب على المرأة أن تبقى في بيت الزوج الذي يسكنه ولو كان بالأجرة، لقولها:"لم يترك لي مسكنًا يملكه" فدل هذا على أن المرأة تبقى في بيت الزوج الذي كان يسكنه ولو بالأجرة، ولكن لو فرض أن المدة تمت وأن صاحب البيت طلب خروجها فالحق له وإذا أخرجها في هذه الحال فإنها تسكن حيث شاءت عند أهلها أو عند غيرهم.
١٠٧٢ - وعن فاطمة بنت قيس صلى الله عليه وسلم قالت:"يا رسول الله، إنَّ زوجي طلَّقني ثلاثًا، وأخاف أن يقتحم عليَّ، فأمرها، فتحوَّلت". رواه مسلمٌ.