بقينا في الجواب عن دعوى النسخ دعوى النسخ لا تقبل إلا بشرطين الشرط الأول: عدم إمكان الجمع، والشرط الثاني: العلم بالتاريخ، فإذا أمكن الجمع فلا نسخ؛ لأن النسخ يستلزم إبطال أحد النصين، وإبطال النص ورد النص ليس بالأمر الهيِّن، يعني: كثير من العلماء- عفا الله عنهم- إذا عجزوا عن الجمع بين النصين قالوا: منسوخ، هذا لا يجوز؛ لأن حكمك بأن هذا الحكم منسوخ، يعني: رده وعدم اعتداده من الشرع فليس بالأمر الهين فلا يجوز أن يتساهل في ادعاء النسخ، نقول: النسخ لا يمكن دعوى قبوله إلا بشرطين أولًا: تعذر الجمع، والثاني: العلم بالمتأخر؛ لأن الناسخ هو المتأخر، فإذا أمكن الجمع حرم العدول عنه وإذا تعذر الجمع نظرنا إذا علمنا التاريخ قلنا المتأخر الناسخ، وإذا لم نعلم وجب علينا أن نتوقف، فنأخذ الحكم الذي لا يتعارض فيه النَّصَّان، وندع ما تعارض فيه النصان هذا هو الواجب اتباعه في نصوص الشرع وعلى هذا فتكون دعوى النسخ في حديث سالم مردودة غير مقبولة فيبقى عندنا يصح دعوى التخصيص لكن لا بشخصه لكن بحاله تخصيص بالحال لا بالشخص، فمن كانت حاله مثل حال هذه الرجل فإننا نفتيه بما أفتى به النبى صلى الله عليه وسلم بما أفتى به سهلة.
ومن فوائد الحديث: التكنية عن الشيء بلازمه؛ لقولها:"وقد بلغ ما يبلغ الرجال"، لم تقل: إنه
بلغ أن ينظر للمرأة بشهوة، تكنية طيبة وتفيد المعنى.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للمستفتي أن يذكر جميع أوصاف القضية من أجل أن يفتيه المفتي على بصيرة، مثل قولها:"معنا في بيتنا"؛ لأن هذا وصف يقتضي ترتب الحكم عليه، فلا ينبغي للمستفتي أن يأتي بالشيء المجمل، بل يأتي بالشيء البيَّن حتى يكون المفتي على بصيرة، ومن ذلك لو قال لك قائل: هلك هالك عن بنت وأخ وعم شقيق فهنا لا يجب عليك أن تسأل عن البنت لكن يجب أن تسأل عن الأخ إن قال لك لأم فما بقي بعد البنت للعام؟ لأن الأخ من الأم يسقط بالفرع الوارث، وإن قال: أخ لأب أو شقيق يأخذ الباقي ويسقط العام.
وهنا نسأل: هل يجب على المفتي أن يسأل عن الموانع؟ لا، يجب فلا يجب عليه أن يقول: هل البنت موافقة لأبيها في الدين هل يجب عليه أن يقول هل البنت رقيقة وأبوها حر؟ لا يجب لأن الأصل عدم المانع وكذلك لو جاء رجل يقول: إنه طلق زوجته هل يجب أن نقول بأي شرط ثبت أنها زوجته هل أنت تزوجتها بشهود وبولي وبرضا وبتعيين أولا يجب؟ لا يجب؛ لأن الأصل الصحة وثبوته على وجه شرعي، هل يجب أن يقول هل هي حائض أو لا؟ لا يجب؛ لأن هذا سؤال عن مانع اللهم إلا أن يكون المانع خفيًّا على الناس فهنا ربما نقول: نسأل هل هي حائض؟ هل طلقتها في طهر جامعتها فيه؟ لكن الأصل أنه يسأل عن المانع.