ومن فوائد الحديث: أن الرضاع لا يشترط له عدد لقوله: "أرضعيه" ولم يحدد، فلا يشترط له عدد، ولا يشترط له كيفية، بمعنى: أنه لا يشترط أن يروي فلا كمية ولا كيفية لقوله: "أرضعيه"، ولكن يقال: إن هذا الإطلاق مقيد بالأحاديث الأخرى الدالة على أنه لا بد من عدد، ففي الحديث الذي روته عائشة في أول الباب:"لا تحرم المصة والمصتان" فيكون هذا المطلق محمولا على المقيد.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن يكون مثل هذه الحال يكفي فيها رضاع واحد؟
قلنا: لا؛ لأن السنة يقيد بعضها بعضًا فلا بد من العدد المشترط.
ومن فوائد الحديث: أن من حرمت عليه المرأة فله أن ينظر إليها وأن إباحة النظر وتحريم النكاح متلازمان لقوله: "أرضعيه تحرمي عليه" ولم يقل أرضعيه يحل له النظر إليك، مع أن المشكلة ليس في أنها تحرم عليه لأنه لا يمكن أن يتزوجها وهي مع زوج المشكلة في النظر والخلوة، لكن لما كان تحريم النكاح يلزم منه إباحة النظر والخلوة قال:"أرضعيه تحرمي عليه" وكأن النبي صلى الله عليه وسلم عدل إلى هذا الحكم لأنه موافق للقرآن، قال الله تعالى:{حرمت عليّكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم الاتي أرضعناكم}[النساء: ٢٣]. فعدل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذاك إلى هذا؛ لأنه موافق لكتاب الله عز وجل.
١٠٨٦ - وعنها رضي الله عنه:"أن أفلح أخا أبي المقعيس جاء يستأذن عليها بعد الحجّاب. قالت: فأبيت أن أذن له، فلمَّا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعته، فأمرني أن آذن له عليّ.
قوله: "أن أفلح أخا أبي القعيس" نريد إعراب أخا؟ هي أسم إن فهل نقول صفة، تدخل في إشكال لأن الصفة لا بد أن تكون مشتقة قال ابن مالك:
نقول: يكون بدلًا أو عطف بيان، قالت: "جاء يستأذن علي بعد الحجاب" وكان أخا لأبيها من الرضاع، وقولها: "بعد الحجاب"؛ لأن الحجاب في الشريعة الإسلامية له حالان، الحال الأولى: في أول الإسلام أو في أول الهجرة على الأصح كانت النساء لا تحتجب عن الرجال تكشف وجهها ويديها وقدميها وربما يرتفع الثوب إلى الساقين، المهم أنه ليس فيه حجاب ثم بعد ذلك أنزل الله الحجاب وفرضه على النساء، وبهذا نعلم أن كثيرا من الأحاديث التي ظاهرها