للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: اعتبار تقدم السن في الكلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كبر كبر"، وحينئذٍ نسأل هل هذا على إطلاقه أو نقول هذا إذا تساوى الشخصان في البيان والتعريف، وأما إذا كان الكبير لا يكاد يبين فإنه يقدم الصغير عند الحكومة والخصومة لأنه إذا تكلم الكبير وهو لا يكاد يبين ضاع الحق فيقال يرجع إلى كبر السن عند التساوي أو التقارب في الأوصاف المعتبرة للقضية ولهذا يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وإن كان أصغرهم سنًا.

ومن فوائد الحديث: جواز الفتيا في حق الغائب؛ لن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى هؤلاء في حكم اليهود الذين اتهموا بقتل صاحبهم، وادعى بعضهم أن هذا من باب الحكم على الغائب وليس بصحيح، وهذا نظير ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عند امرأة أبي سفيان حيث شكت إليه أن أبا سفيان لا يعطيها ما يكفيها، فأذن لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها.

ومن فوائد الحديث: أن أهل الذمة إذا اعتدوا على المسلم بقتل فإن عهدهم ينتقض لقوله: "وإما أن يأذنوا بحرب".

ومن فوائده: أن الذمي إذا اعتدى على مسلم ثم أراد أن يضمن موجب عداونه فإنه يبقى على عهده لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إما أن يدوا صاحبكم ... إلخ"، وقيل: بل ينتقض العهد مطلقًا بمجرد العدوان لأن مجرد الاعتداء على المسلم انتهاك لحرمة المسلمين وإهدار للعهد.

ومن فوائد الحديث: جواز المكاتبة في القضاء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب إلى اليهود في القضية فردوا عليه فكتبوا، فدل هذا على جواز المكاتبة لإثبات الحكم وإثبات القضية، ومن هنا أخذ الفقهاء ما يسمى بكتاب القاضي إلى القاضي.

ومن فوائد الحديث: أنه يبدأ في القسامة بأيمان المدعي لقوله: "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم".

فإن قال قائل: كيف كانت اليمين من جانب المدعي والنبي صلى الله عليه وسلم جعلها في جانب المنكر؟

قلنا: إن اليمين لا تكون في جانب المدعى عليه وهو منكر دائمًا وإنما تكون اليمين في جانب أقوى المتداعيين فمن قوي جانبه شرعت اليمين في حقه.

ومن فوائد الحديث: أن القسامة يؤخذ فيها بالقصاص؛ لقوله: "وتستحقون دم صاحبكم" وهذا هو الصحيح الذي عليه جمهور العلماء، وقال بعض العلماء: إنه لا تنتهك بها الدماء، وأنها إذا تمت تجب الدية تعظيمًا لشأن الدماء، والصحيح أنها إذا تمت واكتملت الشروط فإنه يثبت القصاص إن اختاره أولياء المقتول أو الدية أو العفو.

<<  <  ج: ص:  >  >>