للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس بن النضر انكسر ثنية الربيع قال: "يا أنس، كتاب الله القصاص، لو أن فاطمة ... إلخ"، قال: وله من وجه آخر عن عائشة قالت: كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها"، وقد تقدم الكلام عليه.

هذا الحليبث فيه فوائد عظيمة منها: الإنكار على من شفع في حد من الحدود، ولكن هذا بعد أن يصل الأمر إلى السلطان، فأما قبل ذلك فلا بأس، لكن إذا وصل إلى السلطان فإنه لا تجوز الشفاعة فيه لما في ذلك من إسقاط حدود الله عز وجل.

ومن فوائده: الإنكار على من فعل ما ينكر عليه ولو كان أحب الناس إليك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة، والله تعالى لا يستحي من الحق، لا نقول: هذا صديق، هذا رفيق، لا أحب أن أنكر عليه، بل أنكر عليه لاسيما في الأمور العظيمة.

ومن فوائد الحليخثا: أن الشفاعة تجوز في غير الحدود كما لو كان من باب التعزيرات فإنه يجوز أن يشفع فيها، والفرق أن الحدود فرائض والتعزيرات تبع للمصالح، فقد يكون من المصلحة أن نشفع في هذا الذي يستحق التعزير لأجل أن يسقط عنه التعزير؛ ولهذا قال كثير من العلماء: إن التعزير ليس بواجب، وإنما هو راجع إلى رأي الإمام إن رأى من المصلحة أن يفعل التعزير فعل وإلَّا فلا.

ومن فوائد الحديث: حكمة الشرع في تحديد العقوبات، وأنها مناسبة تمامًا للجرائم، ولهذا أضيفت إلى الله تعالى قال: "حد من حدود الله"، ومعلوم أن ما كان من حدود الله عز وجل فإنه في غاية الحكمة وفي غاية الرحمة.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان القدوة أن يخطب في المناسبات التي تستدعي الخطبة ولو كان ذلك في غير جمعة لقوله: "ثم قام فخطب".

ومن فوائده: أن الخطبة تكون عن قيام، والحديث العادي يكون عن جلوس، ويتفرع على هذه الفائدة: ما يفعله بعض الإخوة من القيام خطيبًا عند دفن الميت يعظ الناس مستدلًّا بأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه حين جلسوا إليه، وجعل يتكلم عن حال الإنسان عند الموت وبعد الموت وترجم البخاري على ذلك بقوله: "باب الموعظة عند القبر"، فيقال: هناك فرق بين الموعظة وبين الخطبة، نحن لا نتكر أن يجلس رجل [عند] المقبرة ويجلس إليه الناس ينتظرون إلحاد القبر ثم يتكلم معهم بموعظة تلين القلوب وتذكر، لكن أن يقوم خطيبًا يخطب في الناس فليس هذا موضعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>